فيكون أيضا مستندا للجعفي فيما قدمنا نقله عنه، قال في المعتبر بعد ذكر الخلاف في المسألة ونقل رواية جميل الأولى ورواية يحيى بن عبادة المرسلة (1) ما لفظه: " والروايتان ضعيفتان لأن القائل في الأول مجهول والثانية مقطوعة السند، ومع اختلاف الأقوال والروايات يجب الجزم بالقدر المشترك بينها وهو استحباب وضعها مع الميت في كفنه أو في قبره بأي هذه الصور شئت " انتهى. واستحسنه في المدارك. أقول: أما ما ذكره من الجزم بالقدر المشترك إلى آخره فمرجعه إلى التخيير بين ما دلت عليه هذه الأخبار وهو وجه حسن في الجمع بينها. ولقد كان يغنيه التعبير بذلك عن الطعن فيها، فإن من جملة الأخبار المذكورة - كما عرفت - صحيحتي جميل أو حسنتيه (2) اللتين لا يقصر وصفهما بالحسن عن الالحاق بالصحيح وليس فيهما إلا الاضمار الذي قد صرح هو وغيره من المحققين بأنه غير مضر ولا موجب للطعن. وبالجملة فالوجه في الجمع بينها هو التخيير. والله العالم.
(الرابع) اطلاق الأخبار وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في استحباب وضعهما مع الميت بين كونه صغيرا أو كبيرا عاقلا أو مجنونا إقامة للشعار وإن كان ظاهر التعليل يوهم خلاف ذلك إلا أن علل الشرع - كما أوضحناه في غير مقام - ليست عللا حقيقية يدور المعلول مدارها وجودا وعدما وإنما هي معرفات. ألا ترى أنه ورد تعليل وجوب العدة على المطلقة بالاستبراء من الحمل مع أنه لا يطرد ذلك في كل مطلقة ولا متوفى عنها، وورد في تعليل استحباب غسل الجمعة بأن الأنصار كانت تعمل في نواضحها فإذا حضروا الصلاة يوم الجمعة تأذى الناس بريح آباطهم فشكوا ذلك إليه (صلى الله عليه وآله) فأمر بالغسل للجمعة (3) ونحو ذلك، وممن صرح بجواز وضع الجريدتين مع الصغير والمجنون الشهيد في البيان، وهو جيد.