أقول: فيه (أولا) - أن مقتضى الاطلاق المذكور الامتداد إلى آخر النهار لا إلى هذا الحد بخصوصه، وهو لا يقول به.
و (ثانيا) - أن هذا الاطلاق يجب تقييده بما ذكرناه من الأخبار ولا سيما حسنة زرارة المذكورة الدالة صريحا على الأمر بايقاعه قبل الزوال، وتأويل الرواية المذكورة سيما مع وجود المعاضد لها بما ذكره فرع وجود المعارض وليس إلا اطلاق تلك الأخبار، وقضية حمل المطلق على المقيد توجب الوقوف على ظهر الحسنة المذكورة، على أنك قد عرفت أن العمل بذلك الاطلاق لا قائل به، والقول به في هذه الصورة المخصوصة تخصيص بلا مخصص.
و (ثالثا) - أن صريح الحسنة المشار إليها كون الغاية الزوال، وحينئذ فالقول بأن غايته الصلاة إن أريد به وقتها فهو أول الزوال كما دلت عليه صحاح الأخبار وصراحها فيجب أن يكون الغسل قبله، وإن أريد به وقوعها بالفعل فإنه يلزم على هذا أنه لو لم تصل الجمعة لم يكن غسل، وهو مما لا يقول به أحد مع ظهور الأخبار في خلافه، وبه يظهر أن الواجب حمل كلام الشيخ على ما يوافق المشهور بجعل صلاة الجمعة كناية عن وقتها وهو الزوال.
وأما أنه كلما قرب من الزوال كان أفضل فقد اعترف جملة من أفاضل متأخري المتأخرين بعدم الوقوف على مستنده، هو كذلك فإني لم أقف عليه إلا في كلامه (عليه السلام) في كتاب الفقه كما أسلفنا نقله في عبارته، وهذا من جملة خصوصيات الكتاب المذكور، والمتقدمون قد ذكروا هذا الحكم والظاهر أن المستند فيه هو الكتاب المذكور ولكن خفي ذلك على المتأخرين لعدم وصول الكتاب إليهم، وبعبارة الكتاب المتقدمة عبر الصدوق في الفقيه، والظاهر أن أباه في الرسالة كذلك أيضا وإن لم تحضرني الآن عبارته. والله العالم.
(الثاني) المشهور بين الأصحاب أنه لو فاته الغسل قبل الزوال قضاه بعد