ومن الظاهر أن التغرير بالنفس إنما هو عبارة عن تعريضها لما يوجب الهلاك، وفي الثانية " فإني أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل ويأكلك السبع " (1) وهي ظاهرة أيضا فيما ذكرناه. نعم قد ورد النص ببذل المال الكثير في الشراء كما تقدم من صحيحة صفوان وبالجملة فإني لا أعرف لهم دليلا على وجوب الانتقال إلى التيمم لخوف ضياع المال إلا ما في المدارك من دعوى عموم ما يدل على رفع الحرج والعسر، قال: ولا ريب أن تعريض المال للصوص حرج عظيم ومهانة على النفس بخلاف بذل المال اختيارا فإنه لا غضاضة فيه على أهل المروة بوجه، قال ولعل ذلك هو الفرق بين الموضعين. انتهى وزاد بعضهم الاستناد إلى ما دل على وجوب حفظ المال وصيانته. أقول: وفيه أنه معارض بما دل على وجوب الوضوء والغسل من الآية والروايات المستفيضة وهو أصرح واضح فيجب تقديم العمل به وارجاع ما خالفه إليه بالحمل على غير الصورة المذكورة على أن دعوى لزوم الحرج بتعريض المال للصوص ووجوب الحفظ وصيانة المال في هذه الحالة ممنوعة سيما الثاني فإنه مصادرة ظاهرة، ومع التسليم فنقول عامان تعارضا وتقييد ما ذكرناه من العموم ليس أولى من تقييد ما ذكروه وبذلك لا يتم الاستدلال، وعلى كل تقدير فهذه الأدلة مع تسليمها لا تشمل مال الغير ومدعاهم كما تقدم حفظ المال مطلقا له ولغيره وهو أظهر فسادا، وهذا بحمد الله سبحانه واضح لمن عرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال.
وألحق الأصحاب بالخوف على النفس والمال الموجب للانتقال إلى التيمم الخوف أيضا على العرض والبضع والخوف من الفاحشة سواء في ذلك الرجل والمرأة، وكذا لو خاف على أهله إن مضى إلى الماء لصا أو سبعا. وجزم في المعتبر بأن الخوف الحاصل بسبب الجبن كذلك، وتنظر فيه العلامة في المنتهى مع أن المنقول عنه في غيره القول بالأول وهو المشهور بينهم، وأيده بعضهم بأنه ربما أدى الجبن إلى ذهاب العقل الذي