إنه لا قائل بالوجوب وهو كاف في قبول الخبر وعدم رده، وحينئذ فيجب التأخير إلى آخر الوقت طلب أو لم يطلب أو إن كان الأفضل له الطلب، فلا منافاة في الرواية للقول المذكور.
بقي الكلام في أن المفهوم من كلام القائلين بالمضايقة وجوب التأخير وإن علم بعدم حصوله إلى آخر الوقت والمفهوم من هذه الأخبار لا يساعد عليه بل ربما أشعرت برجاء الحصول كما يشير إليه قوله (عليه السلام) في جملة منها: " فإن فاته الماء لم يفته الصعيد " ولأنه مع العلم بعدم وجود الماء يصير التأخير عبثا محضا ومن الظاهر أن الشارع لا يكلف بذلك.
قال في الروض: " وعلى كل حال فالقول باعتبار التضيق مطلقا أقوى للنص والاجماع والشهرة والاحتياط، وما ورد من الأخبار التي استدل بها لجواز التقديم لم يدل نصا على جواز التقديم بل علم إمكان وقوعه ونحن نقول به، فإن المعتبر في الضيق الظن فلو انكشف خلافه أجزأ للامتثال ولمفهوم الأخبار المذكورة، وحملها على ما إذا علم أو ظن عدم الماء إنما يتم لو دلت على جواز التقديم نصا والتقدير عدمه بخلاف أخبار التضيق، وقد تقرر في الأصول أن ما دل نصا مرجح على غيره مع التعارض وعلى ما حققناه لا تعارض، ومنه يظهر ضعف حمل أخبار التضيق على الاستحباب ترجيحا لجانب التوسعة والقول بالتفصيل بالعلم وعدمه متوجه لعدم الفائدة في التأخير على تقديره لكن قوة الدليل النقلي لا تساعد عليه " انتهى.
أقول: فيه (أولا) - إن عدوى الاجماع والشهرة والاحتياط مما لا يسمن ولا يغني من جوع، أما الاجماع فهو وإن نقل هنا عن الشيخ والمرتضى إلا أن شيخنا المشار إليه في مسالكه وغيره من محققي الأصحاب المتأخرين قد طعنوا فيه بما لا يسع المقام ذكره كما لا يخفى على من وقف على كتبهم، بل الشيخ والمرتضى اللذان هما الأصل في الاجماع قد كفيانا مؤنة القدح فيه بمناقضتهما في اجماعاتهما في المسألة الواحدة إما بأن