المروية في الفقيه، والأصحاب قد أجابوا عنهما بالحمل على الاستحباب، وسيأتي تحقيق المسألة المذكورة إن شاء الله تعالى في المواضع المشار إليه.
(الثانية) - لا يخفى أنه قد دلت هذه الأخبار التي قدمناها في صدر هذا المقام على أن من به القروح والجروح ينتقل فرضه إلى التيمم مع أنه قد تقدم في المسألة الحادية عشرة من المسائل الملحقة بالوضوء جملة من الروايات الدالة على وجوب الوضوء وغسل ما حول القرح والجرح إذا لم يكن عليه جبيرة وإلا فغسل الجبيرة أو المسح عليها على التفصيل المتقدم في تلك المسألة، وقد ذكرنا ثمة وجه الجمع بين أخبار المسألتين بما يرفع عنها التنافي والتدافع في البين.
بقي الكلام هنا في الرمد الذي يتضرر صاحبه بغسل عينيه كلتيهما أو إحداهما هل يكون من قبيل مسألة القروح والجروح الموجبة للوضوء بأن يغسل ما حول العين إن لم يكن عليها دواء وإلا فيمسح على الدواء الذي عليها أو أنه ينتقل فرضه إلى التيمم؟ وجهان، للأول المشاركة في المعنى للقرح المختص بموضع مخصوص مخصوص من الجسد، وللثاني الاقتصار على مورد النصوص مما يسمى قرحا ووجع العين مرضها لا يسمى قرحا لغة ولا عرفا ولا شرعا، ولم أقف على كلام لأصحابنا (رضوان الله عليهم) في هذا المسألة، والذي يقرب عندي في ذلك هو أنه إن كان يتضرر بغسل وجهه فإنه ينتقل إلى التيمم وإن كان لا يتضرر بغسل ما عدا العين فالواجب الوضوء والغسل وغسل ما حول العين ولو بنحو الدهن، وبالجملة فحكمها حكم القروح والجروح وذكر القروح والجروح في بعض الأخبار إنما وقع في كلام السائلين فالاعتبار بعموم الجواب وفي بعض يحمل على مجرد التمثيل، ويزيده تأكيدا أن الواجب شرعا هو الوضوء ولا يجوز الانتقال عنه إلى بدله إلا بدليل واضح، ومجرد تضرر العين خاصة لم يثبت كونه ناقلا شرعيا سيما مع وجود النصوص في نظائره من القرح والجرح وأن الحكم فيها هو الوضوء وعدم جواز الانتقال عنه وأن الحكم في ذلك الموضع الذي يتضرر بالماء هو تركه بغير غسل إن كان مكشوفا أو المسح على الدواء إن لم يكن