الرواية محمولة على ما هو الغالب من عدم إمكان هذا الجمع في مثل هذا الماء القليل الذي لا يكفي إلا لأحدهم كما هو المفروض في أصل المسألة.
(الثالثة) - لو كان الماء مباحا وجب على كل من الحيين المبادرة إليه فإن سبق أحدهما إلى حيازته ملكه وإن اتفقا جميعا اشتركا، ولو تغلب أحدهما على الآخر في حيازته بعد استوائهما في السبق إليه فلا خلاف ولا ريب في أنه يأثم، وهل يملك أم لا؟ فالمحقق في المعتبر والعلامة في التذكرة على الأول لأن الوصول إلى المباحات لا يفيد الملك لافتقار تملك المباحات إلى الحيازة مع النية ولم يحصل الشرطان إلا للمتغلب واستشكله الشهيد في الذكرى بإزالة أولوية غيره وهي في معنى الملك، قال: وهو مطرد في كل أولوية كالتحجير. وفيه ما عرفت من عدم حصول شرطي الحيازة إلا للمتغلب فيملك وإن أثم، هذا ما تقتضيه الجري على قواعدهم وإلا فالمسألة لعدم النص لا تخلو من توقف.
(الرابعة) - قال المحقق في المعتبر: هل يجوز لمالك الماء أن يبذله لغيره مع وجوب الصلاة؟ الوجه لا لأن الطهارة تعينت عليه وهو متمكن من الماء والعدول إلى التيمم مشروط بالتعذر والتقدير عدمه، ويؤيد ذلك رواية وهب بن حفص عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) ثم ساق الرواية كما قدمناه، وقال: وذكر النجاشي أن وهب بن حفص كان واقفيا لكنه ثقة. انتهى. واعترضه في الذكرى بأنه ليس في الخبر تخصيص باختصاصهم بملكه ولعلهم مشتركون ولكن الجنب لا يكتفي بنصيبه. أقول: الظاهر أن استناد المحقق إلى الرواية لا يتوقف على اختصاصهم بالملك بل يكفيه تحقق اشتراكهم فيه، فإن ظاهر سياق الخبر أن الماء مشترك بين القوم كملا إلا أن حصة الجنب لا تكفيه لغسله وحصة كل منهم تكفي لوضوئه فسأل أنه هل يجوز لهم أو يجب عليهم أن يدفعوا حصصهم من الماء إلى الجنب ليغتسل به كملا ويتيممون هم أو يتوضأ كل واحد بنصيبه ويتيمم الجنب؟ فأجاب (عليه السلام) بما يدل على ما ذكره المحقق (قدس سره)