يجزئه ذلك، لأن العبادات الشرعية مبنية على التوقيف والتوظيف من الشارع ولم يرد عنه ما يدل على صحة التيمم بذلك فيكون فعله تشريعا محرما وإنما استفاضت الأخبار بما ذكرناه. بقي الكلام في الاكتفاء بمجرد الوضع أو لا بد من الضرب الذي هو عبارة عن الوضع المشتمل على اعتماد؟ قال في الذكرى: " معظم الروايات وكلام الأصحاب بعبارة الضرب وفي بعضها الوضع والشيخ في النهاية والمبسوط عبر بالأمرين، وتظهر الفائدة في وجوب مسمى الضرب باعتماد، والظاهر أنه غير شرط لأن الغرض قصد الصعيد وهو حاصل بالوضع " انتهى. وما اختاره هنا من الاكتفاء بمجرد الوضع قد صرح به في الدروس أيضا، وحاصل استدلاله الاستناد إلى اطلاق الآية وهو قوله تعالى " فتيمموا صعيدا طيبا " (1) أي اقصدوا وهو حاصل بالوضع. وفيه أن الآية يمكن تقييدها بالأخبار الكثيرة الدالة على الضرب الذي هو - كما عرفت - عبارة عن الوضع المشتمل على الاعتماد، وحينئذ فيجب حمل القصد الذي في الآية على هذا القصد المخصوص جمعا بين الآية والأخبار، وكذا يجب تقييد بعض الأخبار الدالة على مجرد الوضع بهذه الأخبار أيضا، وبه يظهر أن الأظهر اعتبار الضرب سيما مع أوفقيته بالاحتياط، والظاهر أن من قال بالوضع حمل جملة أخبار الضرب على الاستحباب كما هي قواعدهم التي بنوا عليها في كثير من الأحكام في الجمع بين المطلق والمقيد، والأظهر ما قلناه وإن احتمل الجمع بينهما بالتخيير إلا أن الظاهر هو الأول مع أوفقيته بالاحتياط كما عرفت.
وتمام تحقيق الكلام في المقام يتوقف على رسم مسائل:
(الأولى) - يعتبر في الضرب أن يكون بباطن الكفين لأنه المعهود المعروف فينصرف إليه الاطلاق كما في سائر الأحكام، ويعضده أنه المعلوم من صاحب الشرع فيكون خلافه تشريعا محرما نعم لو تعذر الضرب بالباطن لعذر فالظاهر الجواز بالظاهر، وربما دل عليه عموم بعض أدلة المسألة.