التي هم عليها من قوة وضعف وعسر ويسر ونحو ذلك فلكل تكليف باعتبار حاله، ألا ترى أن استطاعة الحج تتفاوت بتفاوت الأحوال والصلاة كيفية وكمية تتفاوت بتفاوتها أيضا سفرا وحضرا وصحة ومرضا ونحو ذلك.
(الثالث) - قال شيخنا الشهيد الثاني في الروض: " والمفهوم من خبر زرارة المتقدم الاكتفاء بمواراة البدن بالثلاثة فلو كان يعضها رقيقا بحيث لا يستر العورة ويحكي البدن لم يضر مع حصول الستر بالمجموع، والأحوط اعتبار الستر في كل ثوب لأنه المتبادر وليس في كلامهم ما يدل عليه نفيا ولا اثباتا " انتهى. أقول: الظاهر أن مراده بخبر زرارة المذكور هو ما تقدم في الأمر الأول (1) وقد عرفت اختلاف روايتي الكافي والتهذيب له والظاهر عندي من قوله: " يواري جسده " إنما هو باعتبار شمول الثوب البدن واتيانه عليه بحيث لا يبقى شئ من البدن عاريا لا مواراة البشرة بمعنى أن لا يكون رقيقا حاكيا للبشرة، ويؤيده التأكيد بقوله " كله " وحينئذ فيكون قوله " يواري جسده " مؤكدا لقوله " تام لا أقل منه " وإن لم يكن ما ذكرناه أظهر لا أقل أن يكون مساويا لما ذكره وبه لا يتم الاستدلال، وحينئذ تبقى المسألة عارية عن النص، وأصالة العدم ترجح الجواز مطلقا و بالجملة فالظاهر أن ما ذكره شيخنا المذكور لا يخلو من البعد، ولو كانت الرواية المذكورة دالة على الحكم المذكور لما خفي على محدثي أصحابنا المتأخرين ولا سيما بعد الوقوف على كلامه ولنبهوا على ذلك في تصانيفهم سيما شيخنا البهائي في الحبل المتين وأمثاله ممن عادتهم تتبع هذه الدقائق والتنبيه عليها. والله العالم.
(الرابع - الظاهر أنه لا خلاف في عدم جواز التكفين بالحرير المحض، قال في المعتبر: وهذا الحكم ثابت باجماعنا ويدل عليه ما رواه في الكافي عن الحسن بن راشد (2) قال: " سألته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قز وقطن هل يصلح أن يكفن فيها الموتى؟ قال: إذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس "