وأتباعه إلى الأول، ونقل عن جمع من المتقدمين كالشيخ وأتباعه الميل إلى الثاني، وربما بني الخلاف هنا على الخلاف المتقدم في معنى الآية، فإن فسرنا عدم وجود الماء بالقول الثاني المتقدم وهو كون المكلف غير واجد للماء بأن يكون في مكان لا ماء فيه فالمتجه قول الشيخ بالانتقال إلى التيمم، فإنه يصدق على هذا من حيث إن الماء لا يكفيه للطهارة أنه غير واجد للماء فيصير فرضه التيمم، وإن قلنا إن المراد بعدم وجدان الماء إنما هو عدم التمكن منه كما تقدم في القول الأول فالمتجه ما ذكره العلامة لصدق التمكن بالمزج كصدقه بالسعي والطلب وبعض المحققين بني القولين المذكورين على أن الطهارة بالماء في الصورة المفروضة هل هو من قبيل الواجب المطلق فيجب المزج إذ ما لا يتم الواجب المطلق إلا به وهو مقدور فهو واجب أو أنها واجب مشروط بوجود الماء وتحصيل مقدمة الواجب المشروط غير واجب؟ وقد تقدم البحث في هذه المسألة مستوفى في باب الماء المضاف وبيان ما هو الحق المختار من القولين المذكورين.
(الثاني عشر) - قد صرح الأصحاب بأنه لو كان على بدن المصلي أو ثوبه نجاسة ومعه من الماء ما لا يكفيه إلا لإزالة النجاسة أو الطهارة فإنه يجب تقديم إزالة النجاسة والظاهر أن الحكم بذلك اتفاقي عندهم كما صرح به في المعتبر والمنتهى والتذكرة، وعلل بأن الطهارة المائية لها بدل وهو التيمم بخلاف إزالة النجاسة فيجب صرفه إليها والتيمم جمعا بين الحقين. وأنت خبير بأن لقائل أن يقول إن الشارع قد قيد جواز التيمم بعدم وجدان الماء والماء في الصورة المفروضة موجود، وزعم البدلية على اطلاقه ممنوع إذ غاية ما يفهم من الأخبار ثبوت البدلية مع فقد الماء بالكلية أو التضرر باستعماله وكل منهما مفقود في محل النزاع، على أن دعوى البدلية معارض بتجويز الشارع الصلاة في النجاسة مع تعذر إزالتها أو عاريا على الخلاف في المسألة. وتقديم أحدهما في استعمال هذا الماء الموجود على الآخر يحتاج إلى دليل، ولا أعلم لهم دليلا وراء الاجماع المدعى والاعتماد عليه لا يخلو من مجازفة كما قدمنا القول فيه في مقدمات الكتاب، وهؤلاء