به إلى أخبار التضيق تعسف محض لا تقبله ظواهر ألفاظها ولا نظام سياقها.
و (ثالثا) - أن ما ذكره - من منع حمل أخبار السعة على ما إذا علم أو ظن عدم الماء مستندا إلى أن ذلك أنما يتم لو دلت على جواز التقديم نصا - ممنوع فإنها وإن لم تدل نصا لكن تدل عليه ظاهرا فإنه هو الظاهر منها وما تكلفه من حملها على ما ذكره بعيد غاية البعد كما ذكرنا، وحينئذ فلا طريق إلى الجمع بينها وبين أخبار التضيق إلا حملها على ذلك وحمل أخبار التضيق على ظن حصول الماء، وما ادعاه - من دلالة أخبار التضيق على ذلك نصا فلا يعارضها دلالة أخبار السعة على ذلك - مردود بما عرفت من أن مدعاهم هو وجوب التأخير وإن علم عدم الماء إلى آخر الوقت والنصوص المذكورة إنما تدل على التأخير مع الرجاء كما عرفت، وحينئذ فلا دلالة لها على ما ادعوه بل ترجع بذلك إلى القول بالتفصيل كما سيأتي بيانه، ومنه يظهر عدم الدليل على القول المشهور كما صرح به السيد السند في المدارك أيضا، ويجمع بين أخبار الطرفين بما ذكرنا.
وأما القول الثالث فلم نقف فيه على خبر صريح يدل عليه إلا أن ظواهر الأخبار المتقدمة في أدلة القول المشهور تساعده، فإن قوله (عليه السلام) في حسنة زرارة: " فليطلب ما دام في الوقت " مما يؤذن بامكان حصول الماء ورجاء الظفر به وإلا لكان عبثا محضا، وكذلك قوله (عليه السلام) في جملة منها " فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض " مما يؤذن بالشك في الفوات وأن اليأس من حصول الماء غير متحقق، وبه يجمع بين أخبار القولين المتقدمين بحمل الأخبار الدالة على عدم وجوب الإعادة بعد وجود الماء في الوقت على اليأس من حصول الماء في الوقت ثم تيقن حصوله في الوقت فإنه لا إعادة عليه لأن تيممه مع السعة وقع صحيحا، والأخبار الدالة على وجوب التأخير إلى آخر الوقت على رجاء حصوله كما يشير إليه التعليل ب " إن فاتك الماء لم يفتك الصعيد " وبما ذكرنا يظهر أن هذا القول هو الأظهر في المسألة وإن كان القول الأول لا يخلو من قوة أيضا. والله العالم.
وتنقيح البحث في هذا المطلب يتوقف على رسم مسائل: (الأولى) - لو دخل