الجاهلية، ثم أطال في بيان أجوبة ذكروها وقد أوضح فسادها ولا حاجة بنا إلى التطويل بنقلها. وبالجملة فإنه لا اشكال ولا خلاف عندنا في جواز البكاء كما صرح به الأصحاب إنما الخلاف نصا وفتوى في جواز النوح فالمشهور بين الأصحاب جوازه ما لم يستلزم محرما من كذب أو صراخ عال أو لطم الوجوه وخمشها ونحو ذلك، وفي الذكرى عن المبسوط وابن حمزة التحريم وأن الشيخ ادعى عليه الاجماع.
وأما الأخبار فمنها ما دل على الجواز ومن ذلك ما رواه في الكافي في الصحيح عن يونس بن يعقوب عن الصادق (عليه السلام) (1) قال: " قال لي أبي يا جعفر أوقف لي من مالي كذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى " قال في الذكرى بعد ذكر الخبر: والمراد بذلك تنبيه الناس على فضائله واظهارها ليقتدي بها ويعلم ما كان عليه أهل هذا البيت ليقتفي آثارهم لزوال التقية بعد الموت. ومنها - ما رواه في الكافي والتهذيب عن الثماني عن الباقر (عليه السلام) (2) قال: " مات الوليد بن المغيرة فقالت أم سلمة للنبي (صلى الله عليه وآله) أن آل المغيرة أقاموا مناحة فاذهب إليهم؟ فأذن لها فلبست ثيابها وتهيأت، وكانت من حسنها كأنها جان وكانت إذا قامت وأرخت شعرها جلل جسدها وعقدت طرفيه بخلخالها، فندبت ابن عمها بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت:
أنعى الوليد بن الوليد * أبا الوليد فتى العشيرة حامي الحقيقة ماجدا * يسمو إلى طلب الوتيرة قد كان عيث في السنين * وجعفرا غدقا وميرة فما عاب عليها النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك ولا قال شيئا " ومنها - ما رواه الشيخان المذكوران عن حنان بن سدير (3) قال: " كانت امرأة معنا في الحي ولها جارية نائحة فجاءت إلى أبي فقالت يا عم أنت تعلم أن معيشتي من الله عز وجل ثم من