قوله عز وجل: " فلم تجدوا ماء " وعدم الوجدان لا يتحقق إلا بعد المطلب لامكان قرب الماء منه ولا يعلمه، ويدل عليه ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) (2) قال: " إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل " وعن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (عليهم السلام) قال: " يطلب الماء في السفر إن كانت الحزونة فغلوة وإن كانت سهولة فغلوتين لا يطلب أكثر من ذلك " ولا ينافي ذلك ما رواه الشيخ عن داود الرقي (3) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أكون في السفر وتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال إن الماء قريب منا فأطلب الماء وأنا في وقت يمينا وشمالا؟ فقال لا تطلب الماء ولكن تيمم فإني أخاف عليه التخلف عن أصحابك فتضل ويأكلك السبع " وعن يعقوب بن سالم (4) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق أو يساره غلوتين أو نحو ذلك؟ قال لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع " وعن علي بن سالم عن الصادق (عليه السلام) (5) في حديث قال: " فقال له داود الرقي أفأطلب الماء يمينا وشمالا؟ فقال لا تطلب الماء يمينا ولا شمالا ولا في بئر، إن وجدته على الطريق فتوضأ وإن لم تجده فامض " فإنها محمولة على الخوف كما هو ظاهر الخبرين الأولين واطلاق الأولين واطلاق الثالث محمول على قيد الخوف المذكور فيهما.
وقد اختلف الأصحاب في حد الطلب، فقال الشيخ في المبسوط: والطلب واجب قبل تضيق الوقت في رحله وعن يمينه وعن يساره وسائر جوانبه رمية سهم أو سهمين إذا لم يكن هناك خوف. وقال في النهاية: ولا يجوز له التيمم في آخر الوقت إلا بعد طلب الماء