بمجموع الكفين عملا بجميع الأخبار - فلا أعرف له وجها، فإنه إن أراد استيعاب الماسح حال المسح كما هو ظاهر كلامه فهو متعذر، إذ لا يخفى أن الجبهة لا يزيد قدرها على مقدار إصبعين أو ثلاث أصابع مضمومة فكيف ينطبق على هذا المقدار مجموع الكفين مع ما هما عليه من السعة والانتشار عرضا وطولا؟ نعم لو كان الممسوح مجموع الوجه لربما أمكن ذلك أما في الجبهة فهو غير ممكن، وإن أراد بمجموع الكفين يعني بجزء من كل منهما بحيث يحصل استيعاب الجبهة بهما معا فهو ما نقوله وهو الذي دل عليه الخبر فلا معنى لهذه الأولوية بعد ذكر الخبر الدال على ذلك، والظاهر أنه تبع في ذلك ما ذكره في الذكرى بقوله: " الأقرب وجوب ملاقاة بطن الكفين للجبهة " وفيه ما عرفت.
وبالجملة فإن غاية ما يفهم من الأخبار المتقدمة أنه يمسح بيديه جبهته أو جبينه مع انطباق الماسح على الممسوح أعم من أن يكون كلا أو بعضا، وحينئذ فيحمل اطلاقها على ما دلت عليه الصحيحة المذكورة من الاكتفاء بجزء من كل منهما لا المجموع، مع أنهم قد صرحوا في مسألة السجود على الكفين بالاكتفاء بالمسمى بل نقل في المدارك ثمة أنه لا يعرف خلافا في ذلك، وسؤال الفرق متجه إذ لا مستند للجميع إلا الاطلاق، هذا مع إمكان الانطباق كما ذكرناه، وأما مع مدعمه كما عرفت فالأمر أهون من ذلك.
(المقام الرابع) - في مسح الكفين وهو المشهور بين الأصحاب وحدهما من الزند إلى أطراف الأصابع، والزند مفصل الكف والذراع ويسمى الرسغ بضم الراء ثم السين المهملة ثم الغين المعجمة، وفي المسألة قولان آخران: (الأول) قول علي ابن بابويه وابنه في المجالس بمسح اليدين من المرفقين إلى رؤوس الأصابع. و (الثاني) - ما نقله ابن إدريس عن بعض الأصحاب أن المسح على اليدين من أصول الأصابع إلى رؤوسها.
ويدل على القول المشهور - وهو المؤيد المنصور - الأخبار الكثيرة المؤيدة بظاهر الآية، ثم لا يخفى أن الأخبار المذكورة أكثرها قد صرح بالكفين وبعض بلفظ اليدين وقضية حمل المطلق على المقيد التخصيص بالكفين، وهي ظاهرة في رد القولين الآخرين