الشهيد الثاني في الروض فيعم الضرر الحالي والمتوقع حيث يحتاج إلى المال المبذول في مستقبل الزمان الذي لا يتجدد له فيه مال عادة، فمتى لم يضره بذل الثمن في الحال والمال على الوجه المذكور وجب الشراء. وأنت خبير بأن الأخبار المتقدمة وهي أخبار المسألة مطلقة في هذا الحكم؟ كما ذكرناه آنفا، وتقييدها بالضرر المستفاد من الأدلة العامة يقتضي الاقتصار على الحال الحاضرة لإناطة الحكم بها وصدق عدم الضرر يومئذ وامكان تجدد ما يندفع به الضرر في المآل، ومنه يظهر قوة ما ذهب إليه في المعتبر.
(الخامسة) - لو بذل له الماء بثمن إلى أجل يقدر عليه عند الحلول فقد صرح العلامة وجملة من الأصحاب بوجوب الشراء لأن له سبيلا إلى تحصيل الماء، واستشكل بعض في ذلك بأن شغل الذمة بالدين الموجب للذلة - مع عدم الوثوق بالوفاء وقت الحلول وتعريض نفسه لضرر المطالبة وامكان عروض الموت وهو مشغول الذمة - ضرر عظيم، وفي حكمه الاقتراض للشراء. أقول: والمسألة لعدم النص محل توقف.
(السادسة) - لو وهبه الماء وأعاره الآلة فطاهر الأصحاب وجوب القبول هنا بخلاف ما إذا وهبه الثمن، وعللوا الأول بأنه لا منة في هبة الماء ولا إعارة الآلة فلا يسوغ له التيمم لأنه قادر على استعمال الماء بقبول ذلك فيكون كواجده، وهذا بخلاف هبة الثمن فإنها لاشتمالها على المنة عادة الموجبة للغضاضة والامتهان لا يجب تحملها ولا قبولها وإن قل الثمن، هذا هو المشهور، ونقل عن الشيخ أنه أوجب القبول لوجوب تحصيل شرط الواجب المطلق، وكذا يجرئ الكلام في هبة الآلة أيضا، ويأتي على ما ذكره الشيخ هنا أيضا وجوب القبول، وظاهر المدارك الميل إلى ما ذكره الشيخ (قدس سره) حيث قال بعد نقل قول الشيخ: " استشكله المصنف في المعتبر بأن فيه منة بالعادة ولا يجب تحمل المنة. وهو ضعيف لجواز انتفاء المنة ومنع عدم وجوب تحملها إذا توقف الواجب عليه. ولو امتنع من قبول الهبة لم يصح تيممه ما دام الماء أو الثمن باقيا في يد المالك المقيم على البذل " انتهى كلامه (رحمه الله) وهو جيد، ويؤيده أنهم صرحوا أيضا في