اجتماع الفساد والصحة في طهارة واحدة، والمنع الشرعي كاف في عدم النقض كالمرض فهو بمنزلة المنع الحسي بل أقوى، ولأن التيمم لم ينتقض بوجود الماء فبعد فقده أولى كذا أفاده شيخنا الشهيد الثاني في الروض. وهو جيد متين، ومنه يظهر أن ظاهره اختيار القول المذكور، ومثله سبطه في المدارك، وهو المشهور بين المتأخرين وعليه العلامة في باقي كتبه، وهو الأظهر لما سيأتي من أن الانتقاض بوجود الماء إنما يتحقق فيما إذا تمكن من استعمال الماء بمعنى أن لا يمنع منه مانع حسي ولا شرعي، وبالجملة فإن ايجاب الشارع اتمام الصلاة والحال أن الماء موجود دليل ظاهر على صحة التيمم وإلا لأوجب إعادتها وبعد الفراغ منه لم يكن ثمة ماء كما هو المفروض فأي موجب هنا للنقض؟ وقد تقدم أن موجب النقض إما الحدث أو التمكن من استعمال الماء وشئ منهما بعد الفراغ من الصلاة غير موجود.
(الثاني) - قيل إنه يتفرع على مذهب الشيخ في المبسوط - من انتقاض التيمم بالنسبة إلى ما عدا هذه الصلاة - أنه لا يجوز العدول عن هذه الصلاة إلى فائتة سابقة لانتقاض التيمم بالنسبة إلى كل صلاة غير هذه. ورد بأن العدول إن كان واجبا فالمعدول إليه بدل مما هو فيه بجعل الشارع فلا موجب للبطلان، وإن كان مستحبا كما في الحاضرة المعدول عنها إلى الفائتة على القول بعدم الترتيب بين الفوائت والحواضر فهو أيضا انتقال من واجب إلى واجب غايته أن الانتقال غير واجب متعين، وبالجملة أن قول الشيخ إنما هو بالنسبة إلى الصلوات المستقبلة المحكوم عليها بالصحة من نوع تلك الصلاة التي شرع فيها لا شخصها بعينه.
(الثالث) - اطلاق الصلاة في الأخبار المتقدمة يقتضي شمول الحكم المتقدم للنافلة فلو وجد الماء بعد دخوله فيها جرى فيه الخلاف المتقدم فيه ولم ينتقض تيممه بوجود الماء، وبه جزم الشهيدان في البيان والمسالك، قال في المدارك بعد نقل ذلك عنهما: ويحتمل قويا انتقاض تيممه بوجود الماء لجواز قطع النافلة اختيارا فينتفي المانع من استعماله عقلا