الأمر به من الشارع. وهو جيد. ولو غلب على ظنه العدم فهل يكون حكمه حكم اليقين في عدم وجوب الطلب أم لا؟ قولان، نقل الأول منهما عن ابن الجنيد واختاره بعض أفاضل متأخري المتأخرين، نظرا إلى قيام الظن مقام العلم في الشرعيات، ولعدم تناول أدلة وجوب الطلب لظان العدم، وقيل بالثاني وبه صرح في المنتهى واختاره في المدارك وعللوه بجواز كذب الظن. وهو الأظهر. وما احتج به الفاضل المتقدم ذكره - من قيام الظن مقام العلم في الشرعيات - على اطلاقه ممنوع بل هو موقوف على الدليل، وما ادعاه من عدم تناول أدلة الطلب لظان العدم أشد منعا، وكيف لا وهي مطلقة كما عرفت من حسنة زرارة ورواية السكوني، خرج من ذلك تيقن عدم وجود الماء لاستلزامه العبث كما عرفت وبقي الباقي.
(الثالث) - لو تيقن وجود الماء لزمه السعي إليه ما دام الوقت والمكنة حاصلة سواء قريبا أو بعيدا، وهل يجوز الاستنابة في الطلب اختيارا؟ ظاهر شيخنا في الروض ذلك لكنه اشترط عدالة النائب، وعندي فيه اشكال لأن ظاهر الأخبار توجه الخطاب إلى فاقد الماء نفسه فقيام غيره مقامه في ذلك يتوقف على الدليل نعم لو كان المراد من النيابة نقله وحمله إليه فلا اشكال في جوازه لأنه من قبيل طلب الماء في منزله من خادمه أو زوجته وحينئذ فلا وجه لاشتراط العدالة كما ذكره، وأما لو كان المراد إنما هو الاعتماد عليه والوثوق به في وجود الماء وعدمه حتى أنه يقبل قوله في عدم الماء فالطاهر هو ما ذكرناه، ويأتي ما ذكره مع تعذر الطلب بنفسه فإنه لا بأس بالاستنابة بل يجب ذلك، وفي اشتراط عدالة النائب وجهان أظهرهما ذلك مع الامكان، ويحسب لهما على التقديرين لو قلنا به في الأول. ولو فات بالطلب غرض مطلوب يضر بحاله كالحطاب والصائد ففي وجوب الطلب عليه لقدرته على الماء أو سقوطه والانتقال إلى التيمم دفعا للضرر وجهان، اختار أولهما في المدارك وثانيهما في المعتبر، وظاهر الروض التوقف وهو