خبر زرارة الآتي: " ثم أحدث فأصاب ماء " على النبأ للمفعول أي أحدث حدث ووجد سبب وسنح أمر من أمطار السماء ونحوه من أسباب وجدان الماء، والكناية عن مثله بالحدث شائعة في كلامهم، وهذا المعنى أقرب مما فهمه الأكثرون من حمل الحدث على معناه المتعارف إذ لا رابطة بين الحدث بهذا المعنى وإصابة الماء المتفرع عليه. انتهى.
أقول: أما ما ذكره المحدث الأمين فقيه (أولا) أن دعواه تواتر الأخبار بأن الحدث في أثناء الصلاة ينقضها مجازفة ظاهرة، نعم ورد ذلك في جملة من الأخبار إلا أن بإزائها من الأخبار أيضا ما هو أصح سندا وأكثر عددا وأصرح دلالة مما يدل على عدم النقض وأنه يتطهر ويبني كما سيأتيك بيانه إن شاء الله تعالى في محله، وباختلاف الأخبار في هذا المضمار اختلفت كلمة علمائنا الأبرار فذهب إلى القول بكل منها قائل وبذلك يظهر لك ما في كلامه من الاجمال بل الاهمال.
و (ثانيا) - أن ما فهمه الشيخ المفيد (قدس سره) من الخبر المذكور هو الذي فهمه كل من وقف على الخبر المذكور من عصر الأئمة (عليهم السلام) إلى الآن ممن قال به أو لم يقل أخباري أو مجتهد ما عداه وعدا المحدث المشار إليه حيث تبعه واقتفاه، وقد وافق الشيخ المشار إليه على القول بمضمون الخبر المذكور جملة من الأصحاب المتقدم ذكرهم ومن جملتهم - كما عرفت - أستاذه صاحب المدارك، وحينئذ فالتشنيع الذي ذكره لا يختص بالشيخ المفيد بل بجملة العلماء الأعلام وكفى به شناعة في المقام.
و (ثالثا) - أن ما فهمه الشيخ المذكور وجملة الأصحاب (رضوان الله عليهم) ليس من قبيل الاستنباطات الظنية كما زعمه وإنما هو المعنى المتبادر من اللفظ عند اطلاقه، والتبادر أمارة الحقيقة كما صرحوا به، ولو كان حمل اللفظ على معناه المتبادر منه من قبيل الاستنباطات الظنية لكان هو أيضا من جملة القائلين بتلك الاستنباطات، اللهم إلا أن يدعى في ذلك إلهاما روحانيا، كما يعطيه بعض تلك المنامات