وأخبار هذا الكتاب أكثرها موافق لما في كتبنا المشهورة لكن لم يروعن الأئمة بعد الصادق (عليه السلام) خوفا من الخلفاء الإسماعيلية، وتحت سر التقية أظهر الحق لمن نظر فيه متعمقا، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد. إلى آخر كلامه " و (ثانيا) - أنه يمكن حمله على حصول النقل من مسافة يوجب تغير الميت وانفجاره، فقد صرح الشهيد الثاني بأنه يجب تقييد الحكم المذكور بما إذا لم يخف هتك الميت بانفجاره ونحوه لبعد المسافة أو غيرها. وهو جيد. ويمكن أن يقال إن الكوفة من حيث هي ليست من الأماكن التي يستحب النقل إليها مع منافاته للتعجيل المأمور به. وكيف كان فهذا الخبر ليس له قوة المعارضة لما ذكرناه. وأما ما تضمنه من نهي الرسول (صلى الله عليه وآله) عن نقل قتلى أحد فهو مما صرح به الأصحاب أيضا فإنهم استثنوا من هذا الحكم الشهداء كما صرح به شيخنا المشار إليه وغيره، قالوا فإن الأولى دفنه حيث قتل لقوله (صلى الله عليه وآله) (1): " ادفنوا القتلى في مصارعهم " وهذا الحديث أيضا شاهد به.
(الخامسة) - قد صرح جملة من الأصحاب بتحريم شق الثوب إلا على الأب الأخ فإنه جائز، وظاهر اطلاق كلامهم يقتضي عدم الفرق بين الرجال والنساء، وقيل بجواز ذلك للنساء مطلقا، قال في الذكرى: وفي نهاية الفاضل يجوز شق النساء الثوب مطلقا وفي الخبر إيماء إليه. وأراد بالخبر ما يأتي من شق الفاطميات على الحسين (عليه السلام) وذهب ابن إدريس إلى التحريم مطلقا ولم يستثن أحدا، قال في المدارك:
" وفي رواية الحسن الصيقل (2) " لا ينبغي الصراخ على الميت ولا شق الثياب " وهو ظاهر في الكراهة ومقتضى الأصل الجواز أن لم يثبت النهي عن إضاعة المال على وجه العموم " انتهى. وربما اشعر هذا الكلام بأنه لا دليل على التحريم من النصوص في خصوص هذا المقام إلا أن يثبت دليل على إضاعة المال على وجه العموم.