الواجبة بعد الدفن " أقول: الوجوب هنا إما بالمعنى اللغوي أو لتأكيد الاستحباب.
وروى في الفقيه مرسلا (1) قال: " قال (عليه السلام) (2) التعزية الواجبة بعد الدفن، وقال كفاك من التعزية أن يراك صاحب المصيبة " وروى في الكافي عن إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام) قال: " ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت " قال في الوافي في ذيل هذا الخبر: " يعني أن التعزية تحصل بالاجتماع الذي يقع عند القبر فينبغي للناس بعد ما فرغوا من الدفن أن يعجلوا في الانصراف ولا يلبثوا هناك للتعزية لئلا يحدث في الميت حدث في قبره من عذاب أو صيحة فيسمعوا الصوت ويفزعوا من ذلك ويكرهوه " انتهى.
(الثانية) - هل لها حد معين أم لا؟ قال في المبسوط: الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة أيام مكروها اجماعا. وأنكر هذا القول ابن إدريس فقال بعد نقل كلام الشيخ المذكور: " قال محمد بن إدريس لم يذهب أحد من أصحابنا المصنفين إلى ذلك ولا وصفه في كتابه وإنما هذا من فروع المخالفين وتخريجاتهم، وأي كراهة في جلوس الانسان في داره للقاء إخوانه والدعاء لهم والتسليم عليهم واستجلاب الثواب لهم في لقائه وعزائه " انتهى وانتصر في المعتبر للشيخ فقال بعد نقل ملخص كلام ابن إدريس: " والجواب أن الاجتماع والتزاور من حيث هو مستحب أما لو جعل لهذا الوجه واعتقد شرعيته فإنه يفتقر إلى الدلالة، والشيخ استدل بالاجماع على كراهيته إذ لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة (عليهم السلام) الجلوس لذلك فاتخاذه مخالفة لسنة السلف لكن لا يبلغ أن يكون حراما " انتهى. وظاهر شيخنا الشهيد في الذكرى الانتصار لابن إدريس حيث قال: ولا حد لزمانها عملا بالعموم نعم لو أدت التعزية إلى تجديد حزن قد نسي كان تركها أولى، ويمكن القول بثلاثة أيام لنقل الصدوق عن الباقر (عليه السلام) (3)