أن الغرض من نقل هذا الخبر جواز نقل الميت إلى المشاهد المشرفة بل استحبابه كما ذهب إليه الأصحاب وعليه عملهم من زمان الأئمة إلى زماننا هذا " انتهى. وإن كانت العبارة لا تخلو من سهو تساهل في التعبير فإن جواز النقل واستحبابه الذي ذهب إليه الأصحاب إنما هو قبل الدفن كما سيأتي بيانه أن شاء الله تعالى لا بعد الدفن لما عرفت من أن المشهور بينهم هو التحريم، ومورد الخبر إنما النقل بعد الدفن، ولهذا أن بعضهم أنكر الاستدلال بالخبر المذكور وجعله مقصورا على شرع من قبلنا كما عرفت و (أما ثالثا) فلما نقل عن جملة من علمائنا من أنهم دفنوا ثم نقلوا مثل الشيخ المفيد فإنه دفن في داره مدة ثم نقل إلى جوار الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) والسيد المرتضى فإنه دفن في داره ثم نقل إلى جوار الحسين (عليه السلام) ونقل أيضا أن شيخنا البهائي دفن بأصبهان ثم نقل إلى المشهد الرضوي على مشرفه السلام، ومن الظاهر أن وقوع ذلك في تلك الأوقات المملوءة بالفضلاء لا يكون إلا بتجويزهم. و (أما رابعا) فإن الأصل هنا الجواز بل الاستحباب، وبه يجب التمسك إلى أن يقوم دليل المنع، وليس إلا الاجماع المدعى على تحريم النبش وهو غير جار فيما نحن فيه.
هذا كله فيما لو كان بعد الدفن أما قبله فالظاهر أنه لا خلاف بين أصحابنا (رضوان الله عليهم) في كراهة نقل الميت إلى غير بلده إلا إلى المشاهد المشرفة، قال في المعتبر: " يكره نقل الميت إلى غير بلد موته وعليه العلماء أجمع، وقال علماؤنا خاصة يجوز نقله إلى مشاهد الأئمة (عليهم السلام) بل يستحب، أما الأول فلقول النبي (صلى الله عليه وآله) (1) ". عجلوهم إلى مضاجعهم. " وهو دليل على الاقتصار على المواضع القريبة المعهودة بالدفن، وأما الثاني فعليه عمل الأصحاب من زمن الأئمة (عليهم السلام) إلى الآن وهو مشهور بينهم لا يتناكرونه، ولأنه يقصد بذلك التمسك بمن له أهلية الشفاعة وهو حسن بين الأحباء توصلا إلى فوائد الدنيا فالتوصل إلى فوائد