الواجب أحب إليه (عليه السلام) وهو الذي فيه الفضل، وأفعل التفضيل ليس على بابه هنا كما هو شائع في الأخبار وغيرها.
بقي الكلام هنا في مواضع: (الأول) - لو خشي العطش على رفيقه أو على دوابه فالذي صرح به جملة من الأصحاب: منهم - المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى أنه يجب التيمم أيضا، مستندين في الأول إلى أن حرمة أخيه المسلم كحرمته وأن حرمة المسلم آكد من حرمة الصلاة، وفي الثاني إلى أن الخوف على الدواب خوف على المال ومعه يجوز التيمم. أقول: أما ما علل به الأول فجيد، ويؤيده جواز قطع الصلاة لحفظ المسلم من الغرق أو الحرق وإن كان في ضيق الوقت، وأن حرمة المسلم عند الله أعظم من حرمة الكعبة إلى غير ذلك من المؤيدات الكثيرة الدالة بعمومها على هذا الحكم. وأما الثاني فمحل نظر، وما استند إليه من جواز التيمم للخوف على المال ممنوع لعدم الدليل عليه بل هي بالدلالة على خلافه أشبه كما تقدم بيانه، على أن مطلق ذهاب المال غير مسوغ للتيمم ولهذا وجب صرف المال الكثير في شراء الماء كما تقدم ذكره، مع أنه يمكن ذبح الدابة أو بيعها أو إتلافها، وبالجملة فإن صدق الوجدان بالنسبة إليه حاصل وعدم الاضطرار إليه ظاهر فجواز التيمم والحال كما عرفت غير جيد، نعم ينبغي أن يستثنى من ذلك ما لو كان محتاجا إلى الدابة بحيث يضره فوتها كما إذا كان في سفر لا يمكن قطعه إلا بها أو يحتاج إليها لنقل أثقاله وأحماله فإنه يجوز أن يرف الماء إليها لما عرفت (الثاني) - لو كان معه ماءان طاهر ونجس وخشي العطش فالذي صرح به في المعتبر أنه يتيمم ويستبقى الطاهر لشربه، لأنه قادر على شرب الطاهر فلا يستبيح النجس فجرى وجود النجس مجرى عدمه، قال: ويستوي الحكم بذلك في الوقت وقبله لما ذكرناه. لا يقال بعد دخول وقت الصلاة يصير استعمال الماء مستحقا للطهارة، لأنا نمنع الاستحقاق وإنما نسلمه لو استغنى عن شربه وليس مستغنيا بالنجس لتحقق التحريم في شربه مع وجود الطاهر. انتهى. قال في المدارك بعد نقل ملخص ذلك: