قال: " قلت له الميت والجنب يتفقان في مكان لا يكون فيه الماء إلا بقدر ما يكتفي به أحدهما أيهما أولى أن يجعل الماء له؟ قال يتيمم الجنب ويغسل الميت بالماء ".
وعن أبي بصير (1) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوم كانوا في سفر فأصاب بعضهم جنابة وليس معهم من الماء إلا ما يكفي الجنب لغسله يتوضأون هم هو أفضل أو يعطون الجنب فيغتسل وهم لا يتوضأون؟ قال يتوضأون هم ويتيمم الجنب ".
إذا عرفت هذا فاعلم أن جملة من الأصحاب: منهم - السيد السند في المدارك رجحوا العمل بصحيحة عبد الرحمن بن أبي نجران لصحة سندها وضعف ما عارضها من مرسلة محمد بن علي وتأيدها بروايتي التفليسي والأرمني. واستدلوا للقول بتقديم الميت بأن الجنب يستدرك طهارته والميت لا استدراك لطهارته، وبرواية محمد بن علي المذكورة ورد الأول بأن الاعتبار لا يعارض النص مع أنه معارض بتعبد الجنب بطهارته بخلاف الميت فإنه قد خرج عن التكليف بالموت، وبأن للجنب غايتين استباحة الصلاة وطهارة بدنه من الحدث وللميت الثانية لا غير. والثاني بالطعن في الرواية بضعف السند وبالارسال والاضمار فلا تصلح لمعارضة الخبر الصحيح.
أقول: والحق أنه مع العمل بهذا الاصطلاح المحدث فلا ريب في قوة ما ذكروه، وأما مع عدم ذلك كما هو الحق الذي عليه متقدموا الأصحاب (رضوان الله عليهم) فالوجه أن يقال بما ذهب إليه الشيخ من التخيير مع أولوية الجنب، وهذا هو الظاهر من كلام المحقق في المعتبر حيث إنه بعد فرض المسألة قال: فالأشهر من الروايتين اختصاص الجنب به، ثم نقل عبارة الخلاف الدالة على التخيير ونقل رواية التفليسي وعدها مع رواية الأرميني رواية واحدة ثم أردفها بمراسلة محمد بن علي ثم رجح رواية التفليسي بأنه متصلة الاسناد وأن العامل بها من الأصحاب كثير والأخرى مقطوعة، ثم قال: والذي ذكره الشيخ ليس موضع البحث فإنا لا نخالف في أن لهم الخيرة لكن