دليل. وأما عدم اعتبار نية البدلية فهو هنا غير مسلم، إذ محل البحث المتقدم في اعتبارها وعدمه إنما هو في غير هذه الصورة مما لا يحتاج إلى التمييز مما لا اشتراك فيه، وأما هنا فقد استقر في ذمته تيمم بدلا عن الوضوء وآخر بدلا عن الغسل فلا ينصرف واحد منهما إلى البدلية عما هو بدل عنه إلا بنية البدلية عما هو بدل عنه بعين ما صرحوا به فيما إذا اشتغلت الذمة بفروض واجبة متعددة أداء وقضاء، فإنه يجب الاتيان بنية الأداء مع قصد الأداء والقضاء مع قصد القضاء كما لا يخفى والله العالم.
(المقام الثالث) - في مسح الجبهة، وقد اختلف الأصحاب في هذا المقام أيضا فالمشهور بين الأصحاب أن يجب مسح الجبهة من قصاص شعر الرأس إلى طرف الأنف الأعلى وهو العرنين لا الأعلى باعتبار النتو كما ربما يتوهمه من لا تحصيل له، وقال الصدوق في الفقيه: " وإذا تيمم الرجل للوضوء ضرب يديه على الأرض مرة واحدة ثم نفضهما ومسح بهما جبينيه وحاجبيه ومسح على ظهر كفيه. إلى آخره " ونقل عن علي بن بابويه مسح الوجه بأجمعه كما تقدم في عبارته، والصدوق في المجالس اختار مذهب أبيه ونسب مذهبه في الفقيه إلى الرواية، وظاهر كلام جملة من الأصحاب: منهم - صاحب المدارك وغيره في نقل مذهب الصدوق أنه أضاف الجبينين الحاجبين إلى الجبهة وعبارة في الفقيه - كما ترى - ظاهرة في اختصاص المسح بالموضعين المذكورين ولا أدري من أي موضع نقلوا عنه هذا المقول؟ ولعل الوجه في هذا النقل هو أنه حيث كان المسح على الجبهة متفقا عليه وإنما الخلاف فيما زاد عليها حملوا كلامه على ذلك، وقال في المدارك بعد نقل الخلاف في المسألة: والمعتمد وجوب مسح الجبهة والجبينين والحاجبين خاصة، ثم أورد الآية وساق جملة من الأخبار المشتمل بعضها على الجبين وبعضها على الجبهة وأكثرها على الوجه، إلى أن قال: وبهذه الروايات أخذ علي بن بابويه (قدس سره) ويمكن الجواب عنها بالحمل على الاستحباب أو على أن المراد بمسح الوجه مسح بعضه، قال في المعتبر: والجواب الحق العمل بالخبرين فيكون مخيرا بين مسح الوجه