بمراحل فإن السائل إنما سأل عن الصلاة معهم بما هو صورة الصلاة من مجرد الاتيان بهذه الأفعال من غير أن يقصدها صلاة ويعتد بها والجواب إنما وقع بإزاء السؤال المذكور، وظاهر السؤال المذكور أن الرجل غير متمكن من الوضوء في تلك الحال والصلاة معهم ليدفع عن نفسه خوف الشنعة منهم، وحينئذ فحاصل جوابه (عليه السلام) إنك لا تأتي بالصلاة وإن كنت لا تعتقدها صلاة بغير وضوء بل إن أمكنك الوضوء والصلاة معهم فافعل وإلا فامض ولا تصل.
ويجب التنبيه هنا على فوائد: (الأولى) - قال المولى محمد تقي المجلسي في شرحه على الفقيه بعد ذكر صحيحة صفوان: " الظاهر من الخبر لزوم الشراء ولو كان بأضعاف ثمن المثل، وقيل يجب ما لم يجحف، والقول بالوجوب مشكل لأن استعمال الوجوب في الاستحباب المؤكد شائع والقرينة " قد أصابني فاشتريت " والترغيب، فإنه يكون غالبا في المستحبات والترهيب في الواجبات " انتهى. أقول لا يخفى ما فيه من الغفلة فإن استعمال لفظ الوجوب في الاستحباب المؤكد إنما هو فيما إذا ورد في الخبر التعبير بلفظ الوجوب فإنه غير صريح في المعنى الأصولي المشهور كما عرفت في غير موضع بل كما يستعمل في المعنى المشهور يستعمل أيضا في الاستحباب المؤكد، لا ما إذا ورد الخبر بلفط الأمر الدال على الوجوب أو بعبارة أخرى من الألفاظ الدالة على الوجوب فإنه يجب الحمل على الوجوب البتة عملا باستعمال اللفظ في حقيقته، والخبر المذكور هنا لم يشتمل على لفظ الوجوب حتى يتم تأويله المذكور وإنما اشتمل على النهي عن التيمم والأمر باشتراء الماء والنهي حقيقة في التحريم والأمر حقيقة في الوجوب، ولا يجوز العدول عن الحمل على الحقيقة إلا مع وجود الصارف عن ذلك. وليس فليس، ومجرد استبعاده ذلك لا يكفي في رد الحكم الصريح من هذا الخبر وأمثاله كما عرفت، واستناده إلى ما ذكره ضعيف لا يعول عليه.
(الثانية) - قد اختلفت نسخ الحديث في قوله في آخر صحيحة صفوان