أو الثبوت بالبينة، وأجاب بأن حقيقة الزاني من فعل الزنا، والسارق من فعل السرقة، لا من أقر أو شهد عليه وإن جاز أن لا يكون فعلهما، وأيضا فالإقرار والبينة إنما اعتبرا لكشفهما عن الأمر بالظن الغالب فالعلم اليقيني أولى (1).
وأيضا لو لم يجز الحكم بالعلم لوقف الحكم أو فسق الحاكم في نحو ما إذا طلق بحضرته ثلاثا ثم جحد الطلاق، فإن القول قوله مع اليمين فإن استحلفه ويسلمها إليه فسق، وإلا وقف الحكم. وكذا إذا أعتق الرجل بحضرته ثم جحد، فإما أن يسلم العبد إليه فيفسق، أو يقف الحكم.
وفي الانتصار عن أبي علي: أنه لا يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في شيء من الحقوق ولا الحدود. قال السيد (رحمه الله) ورأيته يفرق بين علم النبي (صلى الله عليه وآله) وبين علم خلفائه وحكامه. وهذا غلط منه، لأن علم العالمين بالمعلومات لا يختلف، فعلم كل أحد بمعلوم بعينه كعلم كل عالم به، وكما أن الإمام أو النبي (صلى الله عليه وآله) إذا شاهدا رجلا يزني أو يسرق فهما عالمان بذلك علما صحيحا، فكذلك من علم مثل ما علماه من خلفائهما، والتساوي في ذلك موجود. انتهى (2).
وقد استدل لذلك بوجوه: منها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو أعطي الناس بدعاويهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر (3). ومنها:
أنه لو حكم بعلمه لزكى نفسه وعرضها للتهمة. ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في قضية الملاعنة: لو كنت راجما من غير بينة لرجمتها (4).
والخبران مع تسليم سندهما ليسا من الدلالة في شيء، فإن العلم أقوى البينات، والإعطاء به ليس من الإعطاء بالدعوى، مع وجوب تقييد المطلق بالدليل. ويمكن أن يكون (عليه السلام) تفرس من الملاعنة الكذب من غير أن يكون شاهدها تزني، والتهمة