رجوعهم نفي ذلك الحق الجاري مجرى الإنكار، وكما لم يبطل الحكم بالإقرار بحدوث الإنكار لم يبطل الحكم بالشهادة بحدوث الرجوع، ولأن رجوعهما ليس شهادة وإقرارا منهما ولهذا لم يفتقر إلى لفظ الشهادة فلا يسقط حقه بما ليس بشهادة ولا إقرار منه، ولأن الشهادة أثبتت الحق فلا يزول بالطارئ كالفسق والموت (1).
وفي النهاية (2) والوسيلة (3) والكافي (4): نقض الحكم ورد العين إلى المشهود عليه، لأن الرجوع كشف عن بطلان ما استند إليه الحكم من الشهادة لظهور كذبهم في أحد القولين، والأصل برائتهم من الغرامة، وهو الأقوى، وحكاه ابن سعيد في الجامع رواية (5). ويمكن أن يكون أراد بها خبر جميل عن الصادق (عليه السلام): في شاهد الزور، قال: إن كان الشيء قائما بعينه رد على صاحبه، وإن لم يكن قائما ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل (6). وحمل الرجوع على شهادة الزور مشكل.
(و) على الأول (يغرم الشهود قيمة ما شهدوا به) أو مثله (للمشهود عليه).
(ولو كانا فاسقين وفرط الحاكم ثم رجعها، لم يغرما شيئا، لبطلان الحكم في نفسه) فترد العين إلى المشهود عليه إن كانت باقية، وإن تلفت غرم المتلف مثلها أو قيمتها.
(ولو كذبهما المشهود عليه في الرجوع سقط الغرم).
(ولو شهدا بالعتق فحكم به ثم رجعا) لم يرجع رقا فهو بمنزلة التالف ولكن (غرما قيمته للمولى) خلافا لبعض العامة (7). و (سواء) في هذه المسألة وغيرها من الشهادات المالية (قالا: تعمدنا أو أخطأنا) فإن المال يضمن بالتفويت مطلقا.