الليالي نزلوا عند رجل من اليهود، فرأى اليهودي أنه يسطع من الصندوق الذي فيه رأس الحسين (عليه السلام) نور نحو السماء. فتعجب منه اليهودي، فاستودعه منهم وقال للرأس: اشفع لي عند جدك.
فأنطق الله الرأس فقال: إنما شفاعتي للمحمديين ولست بمحمدي. فجمع اليهودي أقرباءه، ثم أخذ الرأس، ووضعه في طست، وصب عليه ماء الورد، وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر، ثم قال لأولاده وأقربائه: هذا رأس ابن بنت محمد (صلى الله عليه وآله).
ثم قال: يا لهفاه حيث لم أجد جدك محمدا فأسلم على يديه، ثم يا لهفاه حيث لم أجدك حيا فأسلم على يديك وأقاتل بين يديك. فأنطق الله الرأس: إن أسلمت فأنا لك شفيع. قاله ثلاث مرات وسكت. فأسلم الرجل وأقرباؤه (1).
نظيره قصة الراهب النصراني حيث رأى نورا ساطعا من فوق الرأس، فلما عرفهم وبخهم وقال: تبا لكم! قتلتم ابن بنت نبيكم قولوا لرئيسكم عندي عشرة آلاف درهم يأخذها مني ويعطيني الرأس إلى وقت الرحيل. فقبلوا وأخذوا الدراهم وأعطوه الرأس. فأخذه وغسله ونظفه وحشاه بمسك وكافور وجعله في حريرة ووضعه في حجره ولم يزل ينوح ويبكي وأسلم على يديه. فلما أخذوه منه وذهبوا به طلب من خازنه الدراهم، فإذا تحولت خزفة، فنظروا في سكتها فإذا على جانبها مكتوب: * (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) * وعلى الجانب الآخر مكتوب: * (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) * فقال الخبيث عمر بن سعد: إنا لله وإنا إليه راجعون، خسرت الدنيا والآخرة. فأمر بطرحها في النهر (2).
ونقل هذه القصة بطريق آخر مع زيادة أنه لما أخذ الرأس وأدخله صومعته سمع صوتا ولم ير شخصا، قال: طوبى لك وطوبى لمن عرف حرمته. فرفع الراهب رأسه وقال: يا رب، بحق عيسى تأمر هذا الرأس بالتكلم معي. فتكلم الرأس