أقول: ولعل تسبيحها تغيرها وانتقالها من حال إلى حال، فإن حدوثها واختلاف أحوالها نداء منها بلسان حالها على افتقارها إلى موجدها وخالقها منزها عن صفات مخلوقاته، كما قال الرضا صلوات الله عليه: بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له، وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له، وبمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له، وبمقارنته بين الأمور عرف أن لا قرين له - إلى أن قال: - مؤلف بين متعادياتها، مفرق بين متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرقها، وبتأليفها على مؤلفها - إلى غير ذلك من الكلمات الشريفة المذكورة في كتابنا " تاريخ فلسفه وتصوف " (1).
موارد تسبيح الحصيات في يد الرسول (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) تقدمت في " حصى "، وتسبيح الحجر في " حجر "، والحمار في " حمر "، والبقر والثور في " ثور "، والحيوان في " حيى ". وهكذا كل في محله فيقال: ظاهر هذه الآية الشريفة نظير قوله تعالى: * (سبح لله ما في السماوات وما في الأرض) * و * (يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض) * وأن كل شئ يسبح كما أن له نطقا كما في قوله تعالى: * (أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ) * فلكل شئ نطق وتسبيح. ويشهد له ما تقدم من رواية إسحاق بن عمار والمنقول عن الحسين (عليه السلام) والنبوي العلوي (عليه السلام) وما ورد في نطق الأشجار والجبال.
الروايات الكثيرة في أن النبي وآله المعصومين (عليهم السلام) سبحوا الله تعالى قبل المخلوقات، فهم أول المسبحين ومنهم تعلمت الملائكة وغيرهم التسبيح والتقديس والتمجيد والتهليل والعبادة. جملة من تلك الروايات (2).
باب أنهم الصافون والمسبحون (3).