منه سواه أنه عليه الصلاة والسلام إنما أنكر امساكها إياها بيدها ليس في لفظ الخبر نص بغير هذا ولا دليل عليه، وليس فيه انه عليه الصلاة والسلام نهاها عن لباسها ولا عن تملكها هذا لا شك فيه، وقد يمكن أنه عليه الصلاة والسلام علم أنها لم تزكها وكانت مما تجب فيه الزكاة كما قال عز وجل: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) * والله أعلم لأي وجه أنكر كون السلسلة في يدها رضي الله عنها الا أنه ليس فيه البتة تحريم لباسها لها بل فيه نصا أنه عليه الصلاة السلام أباح لها ملكها يقينا لا شك فيه لأنه جوز بيعها للسلسلة وجوز للمشترى لها منها شراءها ولو أن لباسها حراما أو ملكها لم يجز للذي اشتراها شراؤها وأما امساكها باليد الذي في هذا الخبر انكاره فقد نسخ بيقين لا شك فيه لايجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة في الذهب واباحته عليه الصلاة والسلام بيع الذهب بالذهب مثلا بمثل وزنا بوزن واباحته عليه الصلاة والسلام بيع قلادة الذهب التي أصيبت بخيبر بعد أن أمر بنزع الخرز عنها.
وبيع الذهب بالذهب مثلا بمثل ولم يحرم بيع القلادة التي فيها الذهب ولا ابتياعها ولا أمر بكسرها، ولا خلاف في أن ايجاب الزكاة في الذهب وإباحة بيعه بالذهب مثلا بمثل باق إلى يوم القيامة لم ينسخ، واما قوله عليه الصلاة والسلام إذ بلغه بيع فاطمة رضي الله عنها السلسلة الذهب وابتياعها بثمنها غلاما فأعتقته: " الحمد لله الذي أنقذ فاطمة من النار " فالذي لا شك فيه فهو أنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رويناه من طريق مسلم نا قتيبة بن سعيد نا الليث - هو ابن سعد - عن ابن الهاد عن عمر بن علي بن الحسين عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من النار حتى فرجه بفرجه " فنحن على يقين من أن الله تعالى أنقذها من النار بعتقها للغلام، ومن ادعى أنه إنما أنقذها من النار ببيعها السلسلة فقد قفا ما لا علم له به وقال: ما لا دليل له عليه ولا برهان عنده بصحته وما ليس في الخبر منه نص ولا دليل الا الظن الذي هو أكذب الحديث، وقد جاء في كراهة مس حلي الذهب أثر صحيح كما روينا من طريق أبى داود نا ابن نفيل - هو عبد الله بن محمد بن نفيل - نا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين قالت: " قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حلية من عند النجاشي أهداها له فيها خاتم من ذهب فيه فص حبشي قالت: فاخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود