المقتول وإن كان عاصيا لله تعالى وفى النار لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في الناري فإنه ليس كل عاص يحل دمه ولا يغرم دية لكن القاتل الحي هو قاتل الآخر بلا شك فإذ هو قاتله بيقين عليه ما على القاتل لما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال سئل ابن شهاب عن أول من جعل على المصطدمين نصف عقله فقال ابن شهاب: نرى ان العقل تاما على الباقي منهما وتلك السنة فيما أدركنا * قال أبو محمد: فان جنى المقتول على قاتله جناية مات منها بعد موت المقتول فالقود واجب تعجيله على الحي إذ كانا ظالمين معا أو كان الحي منهما ظالما والمقتول مظلوما فيستقاد من الحي في نفسه وفى الجراح التي جرح المقتول بها أو تؤخذ الدية منه أو من ماله مات أو عاش ولا شئ في مال المقتول لا دية ولا غيرها الا إن كان قطع له إصبعا أو أصابع أو يدا أو رجلا فالدية في ذلك في مال الميت * برهان ذلك ان ما وجب في حياة الجاني من دية (1) فهي واجبة بعد فلا يسقطها موته إذ ما صح بيقين فلا يسقط بالدعوى وأما ما لم يجب في حياته بعد فبيقين ندري ان ما له صار بموته لورثته أو للغراء بلا شك فإذ صار لهم فهو مال من ما لهم والدية لا تجب الا بموت المقتول فإذا وجبت بموته ولا مال للجاني فمن الباطل البحت المقطوع به ان تؤخذ دية من مال من لم يقتله ولا جنى عليه وكذلك دية القاتل (2) الذي قد مات قبل وجوب الدية عليه، والأحكام لا تلحق الموتى وإنما تلحق الاحياء وبالله تعالى التوفيق: فهذا حكم الظالمين، وأما إن كان القاتل الحي مظلوما والمقتول ظالما فقد مضى إلى لعنة الله تعالى ولا شئ على القاتل الجارح لا قود ولادية لما سنذكره في كتاب أهل البغي * قال أبو محمد: وأما المصطدمان راجلين أو على دابتين أو السفينتين يصطدمان فروى عن الشعبي في السفينتين يصطدمان لا ضمان في شئ من ذلك، وقال الشافعي:
لا يجوز فيه الا أحد قولين أما انه يضمن مدير السفينة نصف ما أصابت سفينته لغيره أو أنه لا يضمن البتة الا أن يكون قادرا على صرفها بنفسه أو ممن يطيعه فلا يفعل فيضمن والقول قوله مع يمينه أنه ما قدر على صرفها وضمان الأموال إذا ضمن في ذمته وضمان النفوس على عاقلته * قال أبو محمد: وقال بعض أصحابنا: إذا اصطدمت السفينتان بغير قصد من ركابها لكن بغلبة أو غفلة فلا ضمان في ذلك أصلا فان حملا سفينتهما على التصادم فهلكتا ضمن كل واحد نصف قيمة السفينة الأخرى لأنها هلكت من فعلها ومن فعل