سواء قال ابن جريج: قلت لعطاء أسنان المرأة تصاب جميعا قال خمسون * قال على: فهذه الأقوال كما أوردنا قول عن عمر. وعلى. ومعاوية. وابن عباس رضي الله عنهم أن دية السن والضرس وسواء خمس خمس وهو قول عروة بن الزبير.
وشريح والزهري وقتادة ومكحول وعمر بن عبد العزيز، وقول آخر ان الثنايا (1) والرباعيات والأنياب خمس خمس وفى سائر الأضراس وهي الطواحين بعير بعير وهو الثابت عن عمر بن الخطاب * وقول آخر ان الطواحين مفضلة على الثنايا والرباعيات وهو قول صح عن معاوية كما أوردنا، قول رابع وهو قول سعيد بن المسيب. ومجاهد وعطاء ان في الأسنان خمسا خمسا وفى الأضراس بعيران بعيران، وقول آخر وهو ان في الثنية خمسا من الإبل ثم تفضل على التي تليها وتفضل التي تليها على التي تليها وهكذا إلى آخر الفم وهو قول طاوس (2) * قال على: فلم يحصل من هذه المسألة الا على اخبار مرسلة لا تصح ولو صحت لكان الحاضرون من خصومنا مخالفين لها كما ذكرنا، ومن الباطل احتجاج المرء بخبر لا يراه على نفسه حجة وهو عنده حجة لا حجة على من لا يراه حجة في شئ أصلا * قال أبو محمد: لكنا نقول قول من يدرى ويوقن أن قوله وكتابه معروضان عليه [في] (3) يوم القيامة وهو مسؤول عنهما ان الخطا في السكوت بالجهل أسلم من الخطأ في الحكم في الدين بالجهل بل السكوت لمن لم يعلم فرض عليه واجب والقول بما لا يعلم حرام على الناس فنقول وبالله تعالى التوفيق: وانه ان لم يصح في ايجاب الدية في الخطا في السن اجماع متيقن فلا يجب في ذلك شئ أصلا لما قد ذكرناه من قول الله تعالى:
(وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام " فلا يحل لاحد ايجاب غرامة على أحد الا أن يوجبها نص صحيح أو اجماع متيقن فاما النص الصحيح فقد أمنا وجوده بيقين ههنا فكل ما روى في ذلك منذ أربعمائة عام ونيف وأربعين عاما من شرق الأرض إلى غربها قد جمعناه في الكتاب الكبير المعروف بكتاب الايصال ولله الحمد، وهو الذي أوردنا منه ما شاء الله تعالى فان وجد شئ غير ذلك فما لا خير فيه أصلا لكن مما لعله (4) موضوع محدث * واما الاجماع فلسنا نعرفه وقد قالت الملائكة لاعلم لنا الا ما علمتنا، ولو صح عندنا في ذلك اجماع لبادرنا إلى الطاعة له وما ترددنا في ذلك