الدار فأنت طالق انها لا تطلق إلا بدخول الدار فإنه طلاق إلى أجل فأوقعتموه حين لفظ به، وبهذا نعارضهم في قولهم إن ظاهر أمره انه ندم إذ قال أنت طالق فاتبع ذلك بالأجل فيلزمهم ذلك فيمن قال أنت طالق ان دخلت الدار وهو قول صح عن شريح فألزمه الطلاق دخلت الدار أو لم تدخله، وقالوا إذا قال أنت طالق فالطلاق مباح فإنه اتبعه أجلا فهو شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل فقلنا: بل ما طلاقه الا فاسد لا مباح إذ علقه بوقت ولا يجوز الزامه بعض ما التزم دون سائره فظهر فساد هذا القول ويكفى من هذا انه تحريم فرج بالظن على من أباحه الله تعالى له باليقين ونعوذ بالله من هذا، ولم نجد لمن فرق بين الأجل الآتي والابد وبين الأجل الذي لا يأتي حجة أصلا غير دعواه لا سيما وهم يفسدون النكاح إذا أجل الصداق إلى أجل قد يكون وقد لا يكون بعكس قولهم في الطلاق وكلا الامرين اجل ولا فرق، وأيضا فقد يأتي الأجل الذي قالوا فيه: انه يجئ وهو ميت أو وهي ميتة أو كلاهما أو قد طلقها ثلاثا فظهر فساد هذا القول جملة وبالله تعالى التوفيق * وهم يشنعون خلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف وقد خالفوا ههنا ابن عباس، وأيضا فإنهم يوقعون عليه طلاقا لم يلتزمه قط وهذا باطل ثم لو عكس عليهم قولهم فقيل بل تطلق عليه إذا أجل أجلا قد يكون وقد لا يكون ساعة لفظه بالطلاق ولا تطلق عليه إذا أجل أجلا يأتي ولابد لما كان بينهم فرق أصلا وبالله تعالى التوفيق * ثم نظرنا فيما يحتج به من أجاز ذلك وجعل الطلاق يقع إذا جاء الأجل لا قبل ذلك بان قال: قال الله تعالى: (أوفوا بالعقود) فقلنا: إنما هذا في كل عقد امر الله تعالى بالوفاء به أو ندب إليه لا في كل عقد جملة ولا في معصية، ومن المعاصي ان يطلق بخلاف ما أمر الله تعالى به فلا يحل الوفاء به وقالوا " المسلمون عند شروطهم " وهذا كالذي قبله لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل " والطلاق إلى أجل مشترط بشرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل وقالوا: نقيس ذلك على المداينة إلى أجل والعتق إلى أجل فقلنا: القياس باطل ثم لو كان حقا لكان هذا منه باطلا لان المداينة والعتق قد جاء في جوازهما إلى أجل النص ولم يأت ذلك في الطلاق، ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه باطلا لأنكم مجمعون على أن النكاح إلى اجل لا يجوز وان ذلك النكاح باطل فهلا قستم الطلاق إلى أجل على ذلك وقالوا: قد أجمعوا على وقوع الطلاق عند الأجل لان من أوقعه حين نطق به فقد أجازه فالواجب المصير إلى ما اتفقوا عليه فقلنا: هذا باطل وما أجمعوا قط على ذلك لان من أوقع الطلاق حين لفظ به المطلق لم يجز قط
(٢١٥)