بذلك يقينا انه ليس شئ من ذلك يمينا إذ لا يمين الا ما سماه الله تعالى يمينا، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رويناه من طريق أبى عبيد نا إسماعيل بن جعفر نا عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كان حالفا فلا يحلف الا بالله " فارتفع الاشكال في أن كل حلف بغير الله عز وجل فإنه معصية وليس يمينا، وهذا مكان اختلف فيه، فصح عن الحسن فيمن قال لامرأته أنت طالق ان لم أضرب غلامي فأبق الغلام قال: هي امرأته ينكحها ويتوارثان حتى يفعل ما قال. فان مات الغلام قبل أن يفعل ما قال فقد ذهبت منه امرأته، ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن مطر الوارق عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب في رجل طلق امرأته ان لم يفعل كذا؟ قال: لا يقرب امرأته حتى يفعل ما قال. فان مات قبل أن يفعل فلا ميراث بينهما، وصح خلاف هذا عن طائفة من السلف كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء في رجل قال لا مرأته أنت طالق ان لم أتزوج عليك قال إن لم يتزوج عليها حتى تموت أو يموت توارثا، ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن غيلان بن جامع عن الحكم بن عتيبة قال في الرجل يقول لامرأته أنت طالق ان لم أفعل كذا ثم مات أحدهما قبل أن يفعل فإنهما يتوارثان. قال سفيان الثوري إنما وقع الحنث بعد الموت * قال أبو محمد: هذا عجب: ميت يحنث بعد موته وقد تقصينا هذا في كتاب الايمان من كتابنا هذا * وممن روى عنه مثل قولنا كما روينا من طريق حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أن رجلا تزوج امرأة وأراد سفرا فأخذه أهل امرأته فجعلها طالقا ان لم يبعث بنفقتها إلى شهر فجاء الأجل ولم يبعث إليها بشئ فلما قدم خاصموه إلى علي فقال على اضطهدتموه حتى جعلها طالقا فردها عليه، ومن طريق عبد الرزاق عن هشام ابن حسان عن محمد بن سيرين عن شريح انه خوصم إليه في رجل طلق امرأته إن أحدث في الاسلام حدثا فاكترى بغلا إلى حمام أعين فتعدى به إلى أصبهان فباعه واشترى به خمرا فقال شريح: ان شئتم شهدتم عليه أنه طلقها فجعلوا يرددون عليه القصة ويردد عليهم فلم يره حدثا * قال أبو محمد: لا متعلق لهم بما روى من قول علي رضي الله عنه اضطهدتموه لأنه لم يكن هناك اكراه إنما طالبوه بحق نفقتها فقط فإنما أنكر على اليمين بالطلاق فقط ولم ير الطلاق يقع بذلك. وكذلك لا متعلق لهم بما في خبر شريح من قول أحد من رواه فلم يره حدثا فإنما هو ظن من محمد بن سيرين أو من هشام بن حسان وهو ظن خطأ أو ما نعلم في الاسلام أكثر ممن تعدى من حمام أعين وهو على أميال يسيرة
(٢١٢)