أو كما قال عليه الصلاة والسلام فصح ان حديث النفس ساقط ما لم ينطق به وكذلك العتق في النفس والمراجعة في النفس والهبة والصدقة في النفس والاسلام في النفس كل ذلك ليس بشئ: وللسلف في ذلك ثلاثة أقوال، أحدها كما قلنا روينا من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن ابن جريج عن عطاء قال إذا طلق في نفسه فليس بشئ * وبه إلى ابن جريج عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء جابر بن زيد قال إذا طلق في نفسه فليس بشئ ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء ليس طلاقه ولا عتاقه في نفسه شيئا قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار ان رجلا طلق امرأته في نفسه فانتزعت منه فقال جابر بن زيد لقد ظلم: وروينا ذلك أيضا عن الشعبي * ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة والحسن قالا جميعا: من طلق في نفسه فليس طلاقه ذلك بشئ وبه يقول أبو حنيفة. والشافعي. وأبو سليمان وأصحابهم * وقول ثان كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر قال سئل عنها ابن سيرين فقال أليس قد علم الله ما في نفسك قال بلى قال فلا أقول فيها شيئا فهذا توقف، وقول ثالث انه طلاق روى عن الزهري ورواه أشهب عن مالك * قال أبو محمد: الفرض والورع أن لا يحكم حاكم ولا يفتى مفت بفراق زوجة عقد نكاحها بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بغير قرآن أو سنة ثابتة، واحتج من ذهب إلى هذا القول بالخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى " * قال أبو محمد: وهذا الخبر حجة لنا عليهم لأنه عليه الصلاة والسلام لم يفرد فيه النية عن العمل ولا العمل عن النية بل جمعهما جميعا ولم يوجب حكما بأحدهما دون الآخر، وهكذا نقول. ان من نوى الطلاق ولم يلفظ به أو لفظ به ولم ينوه فليس طلاقا الا حتى يلفظ به وينويه الا ان يخص نص شيئا من الأحكام بالزامه بنية دون عمل أو بعمل دون نية فنقف عنده وبالله تعالى التوفيق، واحتجوا أيضا بأن قالوا انكم تقولون من اعتقد الكفر بقلبه فهو كافر وان لم يلفظ به وتقولون ان المصر على المعاصي عاص آثم معاقب بذلك، وتقولون ان من قذف محصنة في نفسه فهو آثم، ومن اعتقد عداوة مؤمن ظلما فهو عاص لله عز وجل وان لم يظهر ذلك بقول أو فعل ومن أعجب بعلمه أو راءى فهو هالك، قلنا أما اعتقاد الكفر فان القرآن قد جاء بذلك نصا قال تعالى: (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم) فخرج هؤلاء بنصوص القرآن والسنن عما عفى عنه وأيضا
(١٩٩)