دعوى أن جميعهم نجاسة ونجس بالفتح معلوم العدم، مع أن المجاز خلاف الأصل.
فتحصل مما ذكر أن حمل الآية على إرادة القذارة المعنوية فقط غير صحيح لا يناسب البلاغة، وحملها على القذارة العرفية حقيقة غير موافق للواقع، وعلى التأول غير صحيح، ومع فرض الصحة مخالف للأصل، وكذا على القذارة العرضية.
فبقي احتمال أن يكون المراد به النجاسة الجعلية الاعتبارية، فهو إما محمول على الاخبار عن الواقع، فلا بد من مسبوقيته بجعل آخر، وهو بعيد، أو على الاخبار في مقام الانشاء، فيصح دعوى أنهم عين القذارة والنجاسة بعد كون جميع أبدانهم قذرا، سيما إذا أريد نجاستهم الباطنية أيضا فتكون دعوى أنهم عين القذارة بعد كونهم ظاهرا وباطنا ملوثين بالكفر والخباثة والجنابة والقذارة في غاية البلاغة، فابقاء المصدر على ظاهره أبلغ في إفادة المطلوب من حمله على خلاف ظاهره مرادفا للنجس بالكسر، وبما ذكرناه يندفع الاشكال بأنه نمنع كون النجس في زمان صدور الآية حقيقة في المعنى المصطلح، بل المتبادر منه هو المعنى اللغوي الذي هو أعم من الاصطلاحي، لما عرفت من أن الحمل على المعنى الحقيقي أي القذارة العرفية غير ممكن كما تقدم.
ولو قيل إنه يدور الأمر بين حمل النجس على المعنى الحقيقي والتصرف والتأويل في المشركين أو العكس ولا ترجيح يقال: إن الترجيح مع حمل النجس على الجعلي الاعتباري، لمساعدة العرف، مع أن مصحح الادعاء في المشركين غير محقق، لما تقدم.
هذا مضافا إلى ما أشرنا إليه في هذا المختصر بأن ليس للشارع اصطلاح خاص في النجاسة والقذارة مقابل العرف، بل وضع أحكاما