عدم تجنبهم عن النجاسات، حتى أن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري الذي كتب إلى صاحب الزمان في عصر الغيبة (1) استشكل في الصلاة في الثياب المتخذة من المجوس، لأجل أنهم كانوا يأكلون الميتة ولا يغتسلون من الجنابة، فيستفاد منه عدم انقداح نجاستهم الذاتية في ذهنه، فيظن منه حدوث المعروفية لدى العلماء للاجتهاد، ولدى العوام للتقليد - في غاية الضعف.
أما أسئلة الرواة فلا تدل على عدم المعروفية لدى الشيعة، فإن المتتبع في أسئلتهم في المسائل الفقهية يرى أن كثيرا ما لم تكن الأسئلة الصادرة من فقهاء أصحابهم لرفع شبهة، بل كان بناؤهم على السؤال لضبط الجواب عن كل إمام في أصولهم وكتبهم، فمثل مشائخ أصحاب أبي عبد الله عليه السلام نظير زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير وغيرهم ممن أدركوا عصر أبي جعفر عليه السلام وأخذوا المسائل منه سألوا أبا عبد الله عليه السلام عن تلك المسائل بعينها، وربما سألوا عن مسائل واضحة لا يمكن خفاؤها عليهم إلى زمان الصادق عليه السلام، ككيفية غسل الجنابة، وغسل الميت، والوضوء، وجواز المسح على الخفين بل وعدد الصلوات الفرائض، إلى غير ذلك مما لا تحصى، حيث كان السؤال لمقاصد أخر، كالحفظ في الكتب للبقاء والوصول إلى الطبقة المتأخرة وكثرة الانتشار وغير ذلك.
وأما دعوى أن جل الروايات شاهدة على خلو أذهان السائلين عن نجاستهم ذاتا ففيها أن الواقع خلاف ذلك، فإن جلها خالية عن الاشعار بما ذكر فضلا عن الشهادة به، كما يظهر للمراجع إليها في كتاب الطهارة