هذا إذا كان المراد من الغسالة غير ماء الحمام كما لا يبعد، وأما لو كان المراد ذلك فلا إشكال في كونها محمولة على الكراهة، للمستفيضة الدالة على عدم انفعال ماء الحمام، وأنه كماء النهر، ولا ينجسه شئ.
فعليها أيضا تحمل صحيحة علي بن جعفر " أنه سأل أخاه موسى ابن جعفر عليه السلام عن النصراني يغتسل مع المسلم في الحمام، قال:
إذا علم أنه نصراني اغتسل بغير ماء الحمام، إلا أن يغتسل وحده على الحوض، فيغسله ثم يغتسل، وسأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة؟ قال. لا، إلا أن يضطر إليه " (1).
فإن الظاهر منها الاغتسال بماء الحمام لا غسالته المجتمعة في البئر فلا محيص عن الحمل على الكراهة، لعدم انفعاله، مع أن الظاهر من ذيلها طهارتهم، والحمل على الاضطرار للتقية كما ترى.
ومنها - ما وردت فيما يعملون من الثياب أو يستعيرونها (2) فإنها وإن اشتملت على نفي البأس غالبا، لكن يظهر منها معهودية نجاستهم وفيه أنها أعم من الذاتية، كما تشعر أو تدل على العرضية نفس الروايات، مع أنها لا تقاوم الأدلة الصريحة أو كالصريحة بطهارتهم كما مرت.
فتحصل من جميع ذلك أن لا دليل على نجاسة أهل الكتاب ولا الملحدين ما عدا المشركين، بل مقتضى الأصل طهارتهم، بل قامت الأدلة على طهارة الطائفة الأولى، بل هي متقضى الأخبار الكثيرة الدالة على جواز تزويج الكتابية واتخاذها ظئرا، وتغسيل الكتابي للميت المسلم بعض الأحيان، إلى غير ذلك. ويؤيدها مخالطة الأئمة عليهم السلام.