ففي مجمع البيان (1) عن الثعلبي عن عدي بن حاتم في حديث قال:
" انتهيت إليه - أي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله - وهو يقرأ سورة البراءة هذه الآية: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم " حتى فرغ منها، فقلت له: لسنا نعبدهم، فقال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتستحلونه؟ قال: قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم " وقريب منها في رواياتنا، فعليه لا يكون الشرك بمعناه الحقيقي.
إلا أن يقول النصارى بأن المسيح الله كما قال تعالى: " أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين " (2) وقال تعالى في الآية المتقدمة:
" والمسيح ابن مريم " ولم ينفه عدي بن حاتم، بل الظاهر نفي عبادتهم للأحبار والرهبان، وقال تعالى: " لقد كفر الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة " (3) قال في المجمع " القائلون بهذه المقالة جمهور النصارى من الملكانية واليعقوبية والنسطورية، لأنهم يقولون ثلاثة أقانيم " وفي مجمع البحرين قيل: " هو رد على النصارى لاثباتهم قدم الأقنون " انتهى.
وقال تعالى: " لقد كفر الذين قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح: يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة " (4) حيث يظهر منها شركهم، ولعله لقولهم بأن المسيح هو الرب المتجسد في الناسوت، حتى أن صاحب المنجد المسيحي قال: " المسيح: لقب الرب، يسوع ابن الله المتجسد - وقال -:
المسيحي: المنسوب إلى المسيح الرب " تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
وفي مجمع البيان هذا مذهب اليعقوبية منهم، لأنهم قالوا: إن الله اتحد بالمسيح اتحاد الذات، فصار شيئا واحدا وصار الناسوت لاهوتا،