عن مالك في سؤر النصراني والمشرك أنه لا يتوضأ به، ووجدت المحصلين من أصحاب مالك يقولون: إن ذلك على سبيل الكراهة لا التحريم، لأجل استحلالهم الخمر والخنزير، وليس بمقطوع على نجاسته، فالإمامية منفردة بهذا المذهب " انتهى.
هذا أيضا يؤكد البناء على نجاستهم، وعلى معللية ما دلت على طهارتهم من الأخبار، وقد تكرر منا أنه لا دليل معتد به على حجية خبر الثقة إلا بناء العقلاء، والتي وردت في هذا المضمار آية ورواية لا يستشعر منها التأسيس، بل كلها أو جلها دالة على إمضاء ما لدى العقلاء وليس للشارع المقدس طريق خاص وتعبد في ذلك، ولو وجد فيها ما يشعر بخلاف ذلك لم تصل إلى حد الدلالة.
ولا شبهة في عدم بناء العقلاء على العمل بمثل الروايات التي أعرض عنها الأصحاب مع كونها بمرئى ومنظر منهم، وكونهم متعبدين على العمل بما وصل إليهم من طريق أهل البيت عليهم السلام، فيكون إعراضهم إما موجبا للوهن في سندها، ومع عدم إمكان ذلك لكثرة الروايات والقطع بصدور بعضها فلا محالة يوجب الوهن في جهة صدورها مع اتفاق أهل الخلاف على طهارتهم.
فالقول بأن مجرد وثاقة الراوي يكفي في العمل بالرواية تارة، وبأن احتمال صدورها تقية في المقال في مقام بيان الحكم بعيد عن مساق الأخبار أخرى لا ينبغي أن يصغى إليه.
كما أن القول بحدوث هذه السيرة والمعروفية بعد عصر الأئمة عليهم السلام ولم يكن الحكم معروفا في زمانهم - لشهادة جل الروايات بخلو أذهان السائلين الذين هم من عظماء الشيعة ورواة الأحاديث عن احتمال نجاستهم الذاتية، وأن الذي أوقعهم في الريبة الموجبة للسؤال