" إذا تغير عن حاله وغلى " لاعطاء قاعدة كليه، وهي أن مطلق التغير عن حاله والغليان موجب للحرمة إلى ذهاب الثلثين مع أن قوله عليه السلام: " تغير عن حاله " لا يبعد أن يكون ظاهرا في الفساد الذي يحصل من الجيش بنفسه، وكيف كان لا وجه لاختصاصه بالنار.
وفي فقه الرضا " إعلم أن أصل الخمر من الكرم، إذا أصابته النار أو غلى من غير أن تصيبه النار فهو خمر، ولا يحل شربه إلا أن يذهب ثلثاه على النار وبقي ثلثه، فإن نش من غير أن تصيبه النار فدعه حتى يصير خلا من ذاته من غير أن يلقى فيه شئ " (1).
وهي ظاهرة في أن ما غلى بنفسه يحل إذا ذهب ثلثاه على النار، وأما قوله: " فإذا نش.... فدعه " الخ فمتعرض لفرع آخر، وهو عدم جواز إلقاء شئ خارجي فيما يجعل خلا، بلا لا بد من أن يدعه حتى يصير خلا بذاته من دون إلقاء شئ فيه.
وإنما قيد ذهاب الثلثين بكونه على النار لأجل أن التثليث بغير النار قلما يتفق، بل العصير إذا غلى بنفسه يصير خلا أو خمرا بعلاج أو بغيره قبل أن يذهب ثلثاه، لا أقول: إنه يصير خمرا أو مسكرا بمجرد الغليان بنفسه، بل أقول قبل ذهاب الثلثين يتبدل إليه أو إلى الخل، ولهذا قيده بقوله: " على النار ".
ولعله لأجل ما ذكرناه من عدم دخالة النار في الحلية لو اتفق التثليث بغيرها أسقطها علي بن بابويه، فقال: لا يحل شربه إلى أن يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، مع أن كلامه عين ما في فقه الرضا تقريبا، لكن صاحب الرسالة نقل كلام ابن بابويه ثم قال: " والذي أحصله من هذا الكلام أن عصير الكرم إذا أصابته النار ولم يذهب ثلثاه وترك