عدمه، فيكون وجوب أداء حقه إليه دليلا على بقاء ملكيته، سواء كان المراد به نفس الأرض فقط كما لا يبعد، أو أجرة المثل، ويجب إرجاع الأصل إليه أيضا على القواعد، بعد عدم دلالة الروايتين المتقدمتين على خلافها.
وا لإنصاف: أن هذا الجمع عقلائي، موافق للقواعد، وللروايات المتقدمة، ولارتكاز العقلاء.
ولو اغمض عن هذا الجمع، فيمكن أن يقال: لا إشكال في عدم اختصاص صحيحة معاوية بن وهب ورواية الكابلي بمورد عدم الإعراض، بل مفادهما أعم منه، ومجرد مجيء الرجل وطلبه لا يدلان على عدمه; إذ كثيرا ما يتفق أن الذي ترك الأرض وأعرض عنها لخرابها، إذا جاء ورأى التعمير وحصول المنافع، يطلبها طمعا بالمنافع، وأما صحيحتا الحلبي وسليمان فظاهرهما عدم الإعراض، فيقيد بهما إطلاق السابقتين.
نعم، هنا كلام، وهو أن المفروض فيهما معرفة صاحبها، فلا بد من التفصيل بين كون صاحبها معروفا وغيره، وإن لم يعرض عنها.
وهذا التفصيل وإن لم يكن بعيدا; بأن يقال: إن الأرض المجهول مالكها، أمرها بيد الإمام (عليه السلام)، لكن مع عدم المفهوم للشرطية - لأن الشرط هنا نظير ما هو محقق للموضوع - لا يساعد العرف على القيدية، بل الظاهر منهما أن المراد التفصيل بين ما لها صاحب وغيره، وأن الحق اللازم الأداء هو ماله صاحب، لا ما له صاحب معروف.
إلا أن يقال: إن المقام من الموارد التي يمكن أن يكون لمجهول المالك حكم المعرض عنه، ومع ذكر خصوص معروف المالك، وعدم التنبيه على لزوم معاملة مجهول المالك فيما لا يعرف مالكه، يفهم أنه مع عدم المعرفة لا مانع من التصرف، وعليه الصدقة، والأرض له.