إشارة إلى أنه من القضاء الإلهي في كل عصر، ولعل قوله تعالي: (والأرض وضعها للأنام) (1) إشارة إلى ذلك كما تقدم.
أو قلنا: بأن بناء العقلاء من أول التمدن على التملك بالإحياء والحيازة، ولم يصل ردع من الرسل (عليهم السلام) عن ذلك، بل الظاهر عدم ردعهم عنه، فحينئذ يمكن استصحاب هذا الحكم:
بأن يقال: إن هذه القطعة من الأرض، كانت من بدء التمدن لو سبق إليها أحد، أو حفر فيها بئرا فهي له، والآن كذلك، كما يقال في حكم العصير العنبي إذا صار العنب زبيبا، فيشار إلى الموجود الخارجي فيقال: إن عصير هذا كان إذا نش وغلى حرم، والآن كذلك، فإذا غلى ونش انطبق عليه الحكم.
وفي المقام: إن الأرض المشار إليها، لما كانت في العصور السابقة مما لم يسبق إليها سابق، ولم يحفر فيها حافر، صدق عليها: «أنه من حفر فيها بئرا، أو غرس فيها شجرا ملكها» فيستصحب هذا الحكم.
وبعبارة أخرى: إن اليقين المعتبر في الاستصحاب، تعلق بنفس الأرض ولو بواسطة كونها غير مسبوقة بسابق، أو كونها بكرا، وعدم المسبوقية واسطة لتعلق اليقين بنفس الأرض، والقضية المتيقنة - بعد انطباق الحكم على الخارج - هي: «من حفر بئرا في هذه الأرض، أو غرس فيها شجرا، فهي له» وهي عين القضية المشكوك فيها، فيكون الحكم الشرعي في هذه الأرض: «أنه إذا حفر فيها حافر ملكها».
إلا أن يقال: إن حصول التملك من أول الأمر في مورد الإحياء والحيازة، مما لا ينبغي الإشكال فيه، لكن كيفية جعل الحكم الإلهي بتوسط الأنبياء غير