بل التشريع في مثل ما ذكر، يكون على طبق التكوين بحسب الاعتبار، فالتشريع تكوين اعتباري، نظير ما يقال: من أن الملك جدة اعتبارية (1)، أو إضافة اعتبارية (2)، فإذا شرع المقنن تشريعا قانونيا، ثم اقتضت المصالح أن يجعل له شرطا أو مانعا، فقال: «ول في الصلاة وجهك شطر المسجد الحرام» يتبع ذلك الوضع، وتنتزع منه الشرطية في الصلاة، من غير تجديد أمر بالمقيد.
وكذا إذا اقتضت المصلحة جعل مانع لها، فقال: «لا تصل في وبر ما لا يؤكل» أو «جعلت وبره مانعا من الصلاة» تنتزع منه المانعية، نظير المانعية التكوينية، فبحسب جعله واعتباره، يكون حمل الوبر ولبسه مضادا لصحة الصلاة.
فموافقتها للمأمور به، إنما توجب الصحة، إذا لم تبتل بالمضاد في اعتبار الشرع، المانع من صحتها، فمع ابتلائها بالمضاد في اعتبار الشرع، لا تقع على طبق القانون الشرعي، فلا تعقل صحتها; للمضادة الجعلية الاعتبارية، وهذا لا مانع منه عقلا، ويصح اعتبارا.
وأما إرجاع المانع إلى أن عدمه شرط، فهو فرار من المطر إلى الميزاب; ضرورة أن العدم لا يعقل أن يكون شرطا بأي معنى كان، ولا يعقل ثبوت شئ له، ولا الإشارة إليه ولو عقلا، فالفرار مما لا امتناع فيه بوجه، إلى الممتنع بالضرورة، مما يدفعه العقل.
فمع امتناع شرطية العدم أو مانعيته، لا محيص عن تأويل ما بظاهره دال على شرطيته أو مانعيته، ففي المقام لو فرض ظهور دليل على مانعية العجز،