للمورد، ولا يأتي فيه الاحتمال السابق المرفوض.
نعم، لا يرد هذا الإشكال فيما وردت من طريقنا، وهو قوله (عليه السلام): «نهى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن بيع ما ليس عندك» (1) إن كانت رواية مستقلة.
وقد يستدل على اعتبار القدرة على التسليم: بأن لازم العقد، وجوب تسليم كل من المتبايعين العوض إلى صاحبه، فيجب أن يكون مقدورا (2).
ويمكن تقرير هذا الدليل: بأن وجوب التسليم من الأحكام العقلائية للبيع، فلو كان تسليم العوضين أو أحدهما غير مقدور أبدا، لا يعقل القصد الجدي إلى المبايعة; فإن المعاملات - إلا النادر منها - إنما هي آلات للتوصل إلى العوضين، والمقصود بالاستقلال وصول البائع إلى الثمن، والمشتري إلى المثمن، ومع العجز لا يمكن القصد الجدي إليها.
وبعبارة أخرى: إن مبنى البيع على التزام المتبايعين تسليم العوضين كل إلى صاحبه، ومع العجز لا يعقل الالتزام، ومع فقده لا تكون المبايعة جدية.
أقول: هذا الدليل أخص من المدعى; لأن امتناع القصد، إنما هو فيما إذا علم المتعاقدان بعجزهما أبدا، وأما مع رجاء رفع العجز، فلا مانع من القصد المعتبر فيه، كما أنه مع العجز فعلا، والعلم برفعه فيما بعد، يمكن القصد إليه، وكذا مع جهلهما بالواقعة.
ثم إن ما هو ظاهر الاستدلال المذكور واضح المنع; إذ يرد عليه ما أورد عليه في «الجواهر» وغيره: بأن وجوبه مطلقا ممنوع، ومطلق الوجوب لا ينافي كونه مشروطا بالتمكن (3).