ما هو خارج عنه؟!
نعم، إشكاله وارد على القائل; حيث أخذ في كلامه الخطر (1)، وأما بحسب الواقع فغير مرضي.
ثم إن الالتزام بإرجاع جميع المعاني إلى معنى واحد - إما الجهالة (2)، أو الخدعة (3) - لعل منشؤه الاحتراز عن الاشتراك اللفظي; بتوهم أنه خلاف الحكمة في اللغات.
ومنشأ هذا التوهم، تخيل أن وضع لغات مشتركة ومترادفة، كان في محيط واحد، أو من شخص واحد، مع أن الأمر ليس كذلك; فإن المظنون - لو لم نقل: إنه المقطوع به - أن الطوائف المختلفة في البلاد النائية، أو البراري المتشتتة البعيدة، كان لكل منها لغات خاصة بهم، فلما اختلطت الطوائف اختلطت اللغات، فربما بقي بعضها وصار لغة للجميع، وربما نسيت لغات الأصل، كما حصل في اختلاط العرب بالفرس، ومنشأ الترادف والاشتراك ذلك، لا ما توهم من التفنن في الوضع (4).
بل لا يبعد أن يكون بعض المعاني، مختصا ببعض المشتقات، وربما يكون اختلاف المشتقات، موجبا لاختلاف المعاني، كما يظهر بالتدبر في الكتب اللغوية.
وبالجملة: إن الغرر مستعمل في معان كثيرة، لا يناسب كثير منها المقام، والمناسب منها هو الخدعة، والنهي عنها - كالنهي عن الغش - أجنبي عن مسألتنا