الاختلاف لأمر آخر، لم يكن ذلك قالعا، واحتمال كون الخلاف لأمر آخر، وإعطاء ثمن الوقف موجبا لرضاهم بالصلح، بعيد غايته.
وبالجملة: إن الواقف لما رأى اختلافهم في الوقف بعد تسليمه إليهم، وخاف من تشديده وتفاقمه بعد موته، أو بعد ذلك الخلاف، وكان قادرا على البيع وإعطاء كل شخص ما وقف له، ورأى أنه قالع للخلاف، استفتى الإمام (عليه السلام)، وسأل عن الحكم الشرعي; وأنه جائز أم لا.
فأجاب: بأمثلية البيع; معللا ب «أنه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال والنفوس»، فاحتمال ذلك صار منشأ لأمثلية البيع.
ولا يلزم من ذلك، جواز بيع الوقف لدى الخلاف الواقع بين طائفة من المسلمين، إذا خيف منه تلف الأموال والنفوس، فإنه لا يفهم من التعليل ذلك، بل ما يفهم منه أن كل وقف وقع الخلاف الشديد بين أربابه فيه، وكان مظنة لتلف النفوس والأموال، جاز بيعه لقلعه، ولا ينحصر خوف تلف الأموال والنفوس في أموال الموقوف عليهم ونفوسهم، فضلا عن كون المال مال الوقف.
نعم، لا بد وأن يكون بقاء الوقف منشأ لذلك، وبيعه قالعا له.
هذا، ولكن يرد على ظاهرها إشكالات:
منها (1): أن الوقف إما كان منقطعا; أي كان وقفا على الأشخاص فقط، كما هو ظاهرها وظاهر المكاتبة (2) الراجعة إلى حصة الإمام (عليه السلام)، التي يحتمل أن تكون من جملة هذه المكاتبة، وأن تكون مكاتبة أخرى مستقلة، أو كان دائما،