وكذا الحال فيما إذا علم من حاله أنه لو التفت إلى اختلاف أهل الوقف لاشترط البيع، فكأنه قال: «وقفت هذا فيما هو صلاح» وذلك لأن الأغراض قد تكون عناوين الموضوعات، كما لو دفع مالا لإعطاء أشخاص معينين، وكان غرضه الإيصال إلى المضطرين، وعلم من حاله أو مقاله ذلك، فإنه يجوز التبديل (1).
ففيه ما لا يخفى; فإن الأغراض والدواعي محركة إلى جعل الإنشاء لأمر خاص، أحرز فيه تحقق غرضه، فلا يعقل أن تكون تلك الأغراض والدواعي، من قيود الموضوعات في باب الإنشاءات العقدية أو الإيقاعية.
نعم، يصح منه أن يقيد الموضوع بما أراد، لكن صرف كون الشئ غرضا، لا يعقل أن يصير قيدا، فلو صح ذلك لما اختص بباب الوقف، بل لكان جاريا في البيع والإجارة وغيرهما، فإذا كان غرضه من بيع شئ الانتفاع به، لا لخصوصية في شخص المبيع، هل يمكن أن يقال: تعلق البيع بما هو ذو نفع من سائر الأمتعة، ولم يتعلق بالعين؟!
وبالجملة: ما كان متعلق الوقف أو البيع، هو نفس الأعيان; لأغراض خاصة، وجهات تعليلية.
ثم إن القائل لما رأى أن تعلق الوقف بالمالية باطل، قال في ذيل كلامه:
إن الوقف تعلق بالعين بما هي مال (2).
وأنت خبير: بأن هذا الاعتراف هدم لما أسس لتصحيح البيع في تلك الموارد; فإن الوقف إذا تعلق بالعين لا بماليتها، فلا وجه لصحة بيعها إلا بمسوغاته، ولا تكون الأغراض بمنزلة الاشتراط، كما هو واضح.