خبر الثقة غير الإمامي ليس بحجة " أو " خبر الثقة الإمامي حجة " وغير ذلك من الأمور القابلة للجعل مستقلا، فإن ما مر في المقام الأول من البحوث والمحتملات، كله يأتي هنا، ولا نعيدها خوف الإطالة.
نعم، لا بد من الإشارة إلى نكتة: وهي أن القيد المأخوذ في المقيد المتوافق مع المطلق - كما إذا ورد " إن البيع المعلوم حلال " بعدما ورد حلية البيع على الإطلاق - يكون ظاهرا في الاحترازية، إلا أن الاحترازية على نحوين:
الاحترازية المطلقة، بمعنى أن القيد المأخوذ دخيل في الحكم على الإطلاق، فلازمه القول بالمفهوم، وهذا مما لا سبيل إلى إثباته، ولو ثبت المفهوم تكون النتيجة حرمة البيع المجهول، وحرمة البيع المتقيد بقيود اخر التي يحتمل كونها بدلا عن قيد المعلومية، فإن جميع البيوع حرام وباطلة، أخذا بالمفهوم.
وأما النحو الآخر والمعنى الثاني للاحترازية، فهي الاحترازية الجزئية وفي الجملة، ومعنى ذلك أن قيد المعلومية في المثال المزبور دخيل في الحلية، بمعنى أنه إذا كان البيع فاقدا لها يعد حراما، ولكن يحتمل كفاية نيابة القيد الآخر والخصوصية الأخرى، مقام هذه الخصوصية في اقتضاء الحلية، وحيث لا مفهوم للقيد لا يمكن سلب الخصوصية الأخرى. ولا ينافيه قيام الدليل على صحة البيع المتقيد بقيد آخر مع فقد قيد المعلومية.
فعلى هذا، يلزم من قوله: " البيع المعلوم حلال " اختصاص الحلية بالمعلوم، قضاء لحق احترازية القيد في الجملة، ولا يمكن الحكم ببطلان البيع المخصوص بخصوصية أخرى المحتمل كونها نائبة عن خصوصية المعلومية، فيكون هذا البيع غير ثابت الحكم، لا حليته، ولا حرمته، لما لا يقتضي الإطلاق المزبور حليته، ولا مفهوم القيد حرمته:
أما الأول: فلأن الإطلاق المزبور ساقط، لأجل احترازية القيد.