المستحبات ذلك، حتى قيل: " إنه من باب التسامح فيها " (1).
والذي هو التحقيق: أن الموارد تختلف، لاحتمال كون القيد دخيلا في المشروعية، مثلا إذا ورد الأمر بصلاة الغفيلة، لا بالكيفية الموجودة، ثم ورد الأمر بها بكيفية خاصة، فالحمل الذي عليه المشهور غير وجيه في المركبات الاختراعية التي يتدخل الشرع في مشروعيتها، مثل لزوم كونها مع الطهارة واللباس الخاص.
فبالجملة: الأمر الثاني وإن كان ندبيا، إلا أن ظهور القيد في لزوم مراعاته في مقام الامتثال، يوجب تحديد المشروعية المطلقة الثابتة بالأمر الأول.
نعم، في غيرها يقرب الحمل المزبور، لعدم ظهور حينئذ للقيد في لزوم رعايته، لإمكان تركه بالمرة وترخيصه فيه.
ومنها: ما إذا كان الأمر المطلق ندبيا يستفاد منه الوجود الساري والإطلاق الاستيعابي حسب الفهم العرفي، كما إذا ورد الأمر بالسلام على العالم، ثم ورد الأمر بالسلام على العالم الهاشمي، وكان هو محمولا على الوجوب للقرينة، أو حسب الأصل، فإنه حينئذ يكون مفاده الإطلاق البدلي وصرف الوجود، فإنه حينئذ يؤخذ بدليل القيد، ويحمل المطلق عليه في مورده، بمعنى أنه يقيد به.
ولا يخفى وجود الفرق بين حمل المطلق على المقيد، وبين تقييد المطلق بدليل القيد، فإنه على الأول يكون المرجع هو المقيد، وعلى الثاني يبقى المطلق على مرجعيته في غير مورد القيد.
ثم إذا فرضنا أن للقيد مفهوما، يلزم من الأمر الإيجابي نهي تحريمي أو إلزامي غير قابل للجمع مع الندب، ويكون حينئذ حمل المطلق على المقيد متعينا، ولا يكون من موارد تقييد المطلق، ولأجل ذلك يلزم هنا تفصيل في المقام بين ما إذا ورد المقيد معتمدا على الموصوف، أو ورد غير معتمد عليه.