منها - غير ناهضة عند العقلاء بعد سبق الإيجاب، فإن ما نحن فيه من قبيل ورود الخاص بعد العام، فكما أن مفاد " لا تكرم الفساق " ليس إلا اخراج ما لا يجب إكرامه من دون النظر إلى تحريم إكرامهم، كذلك الأمر هنا من غير تعرض للإخراج المتعارف هناك، كما عرفت في البحث السابق في توضيح حقيقة التقييد (1)، فلا تخلط.
وبالجملة تحصل: أنه إذا ورد الأمر بذبح الشاة فيما كان أمرا نفسيا، ثم ورد النهي عن المهزولة، لا يدل النهي إلا على تحديد مصب الإطلاق وتقييد محط المطلق، وهذا في كثير من الأمثلة واضح.
وفيما إذا كان عنوان المقيد قابلا للتحريم النفسي أيضا، يكون مقتضى محيط التقنين - بذكر القيود متأخرا - هو حمل الهيئة على الوجه المزبور، كما هو المتعين قطعا في المثال الأخير، فتوهم التفصيل في الأمثلة (2) مندفع بما أشير إليه.
وما أشير إليه من الوجوه الأربعة، لا يقتضي في مقابل هذا الوجه شيئا، ضرورة أن مجرد أهونية التصرف في إطلاق المطلق غير كاف، لأن المناط فهم العقلاء والقرائن الخاصة والكلية، وبناء العقلاء وإن كان على ذكر المقيدات متأخرا، إلا أنه لا يقتضي كون الهيئة في ناحية القيد، باقية على الأصل الأولي وهو التحريم، لسبق القرينة، ولأن ظاهر دليل القيد هو النظر إلى تحديد مصب الإطلاق.
وأما كون ظهور الإطلاق تعليقي دون القيد، فغير صحيح، لأن الثاني أيضا مثل الأول في كونه نهيا، والنهي كالأمر، فكما يمكن أن يكون الإطلاق دليل التصرف في القيد، يمكن عكسه.
ومن هنا يظهر قصة كون الإطلاق بدليا، والتقييد شموليا، فإن الشمولية